المصدر: صوت لبنان
المحامي ميشال قليموس: لنطرح معاً رؤية لبنانية شاملة قادرة على بلوَرة مبادرة إنقاذية
القى الخبير الدستوري، المحامي ميشال قليموس كلمة خلال المؤتمر العربي بدورته الثالثة عشر تحت شعار “نعمل لاحلال السلام وتعزيز الامن وتطوير النمو في عالمنا العربي”.
وقد جاء فيها:
يشرّفني ويسعدني ان أكون معكم في هذا المؤتمر كي نتداول معاً وبروح صادقة وموضوعية حول هواجسنا الوطنية والعربية وذلك كي نخرجها من دائرة الصمت والتردد لنطرح معاً رؤية لبنانية شاملة قادرة على بلوَرة مبادرة إنقاذية، ليس فقط لوطننا العزيز، بل أيضاً للأزمة التاريخية لقضية العرب الأولى وذلك في زمن استُبيحت فيه شرعة حقوق الإنسان وقواعد القانون الدّولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها سنداً لقرارات الأمم المتحدة.
أيّها الحضور الكريم،
ما أحوَجنا اليوم، وفي هذه الأيّام المصيريّة الى عقول نيّرة لا تضلّلها تناقضات الأحداث ولا تربكها زحمة التّطورات … عقول لها من قوّة المعرفة والمنطق وشمول النظرة لتكون كلمتها بلسماً على جروح الوطن ولتدل الى المخارج والحلول، عوض ان تضيف الى الخراب خراباً والى الدّمار دماراً.
فمن هذا المنطلق، ومن منطلق قناعاتي الشخصية والوطنية، سوف أعرض أمامكم رؤيتي المستقبلية لتحصين الأمن الوطني والإقليمي مستنيراً بالآية الكريمة في سورة البقرة من القرآن الكريم:
“لا تلبسوا الحقّ بالباطل، ولا تكتموا الحقّ وأنتم تعلمون.”
انّ الأزمة الّتي يمرّ بها لبنان تشكّل انعكاساً لأزمة الثقة بين القيادات الوطنية وتجسيداً للخلل والتناقض في تفسير وتطبيق وثيقة الوفاق الوطني التي ارتضيناها مساراً وطنياً جامعاً منذ اتفاق الطائف والّتي أكّدت عليها مقدمة الدستور اللّبناني لجهة نهائية الوطن اللّبناني كوطن سيّد حرّ مستقلّ على كامل ترابه الوطني في حدوده المعترف بها دولياً وذلك في ظلّ ميثاق العيش المشترك والمبادئ الواردة في هذه المقدمة كونها تشكّل مع بعضها البعض وحدة متكاملة بصفتها مبادئ تأسيسية ثابتة.
كما وأن أزمتنا تشكّل أيضاً انعكاساً لأزمة الصراع مع اسرائيل وللتناقضات الاقليمية وانعكاسها السلبي على وحدتنا وأمننا الوطني مما يستوجب تحييد لبنان عنها واعادته الى دوره التقليدي في سياسته الخارجية.
من هنا، ولتأمين إستقرار أمننا الوطني والسياسي يتوجب علينا إعادة التأكيد على ثوابتنا الوطنية والدستورية القائمة على الشراكة الوطنية الحقيقية والمتوازنة في صنع القرار الوطني وتنفيذه وخاصة لجهة انتماء لبنان الى محيطه العربي والتزامه بميثاق جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وهو من الدول المؤسسة، لا بل انه من واضعي شرعة حقوق الانسان العالمية التي لا تزال تنتهك قواعدها كل يوم.
من هنا ضرورة تمسكنا بسيادتنا وبوحدتنا لنستطيع ومن خلال الدولة اللبنانية القادرة والعادلة على مواجهة الاخطار التي تهدد لبنان وذلك بقرار واضح لأن لبنان سوف يبقى للبنانيين ولهم وحدهم.
كما وان مواجهة العدو الاسرائيلي تتطلب منا ايضاً وبصورة أساسيّة محافظة لبنان على خصوصيته في تعدد وتوازن عائلاته الروحية والدينية كي يكون الرّد الحضاري الكبير على الدولة العنصرية التي تشكّلها اسرائيل على أرض فلسطين العزيزة وذلك في زمن تشهد فيه المنطقة تفككاً وتدهوراً وتشرذماً.
من هنا أبادر الى التأكيد بأن استقرار لبنان محكوم بالتوازن الحقيقي في تطبيق دستوره وميثاق العيش المشترك لأن الوفاق الحقيقي مرتبط بالتخلي عن محاولة ممارسة أية هيمنة داخلية من أية جهة أتت لأن تجارب الماضي هي الدليل القاطع على فشلها ولأن الوفاق الوطني الحقيقي يجب ان يكون مبنياً على الحوار المستمر حول كافة الهواجس الكامنة لدى كلّ مكوّن من مكوّنات الوطن ولأن الوفاق الوطني لا يجب ولا يمكن أن يكون توافقاً على الأخطاء والخطايا بإسم الوفاق.
من هنا ضرورة التخلي عن أي رهان أو أي ارتهان للخارج وليكن لبنان هو رهاننا الأوحد وذلك من خلال تحصين جبهتنا الداخلية والوطنية وإعادة بناء الثقة بروح وطنية مسؤولة.
فانطلاقاً مما تقدم يتوجب علينا إعادة بناء وتدعيم مؤسساتنا الدستورية كي يستطيع فخامة رئيس الجمهورية الذي اقسم يمين المحافظة على سيادة لبنان وبالتعاون مع السلطة التنفيذية والتشريعية إعادة بناء أسس الدولة اللبنانية بعيداً عن المحاصصة والتبعية والفساد وصولاً الى تفعيل مؤسساتنا العسكرية والأمنية والقضائية والادارية والمالية.
ان ما تقدم يعني ضرورة تحصين اتفاق الطائف لازالة الثغرات التي تعيق ممارسته واستقراره تأميناً للتوازن الدستوري الصحيح بين السلطة التنفيذية والتشريعية وذلك في ظل الدور المعطى لفخامة رئيس الجمهورية كرئيس للدولة وكساهر على حسن تطبيق الدستور لحمايته من أي خلل في تطبيقه ولكن دون ان يشكل أي تطوير وأي تحصين أي مس بأسس اتفاق الطائف ومقدمة الدستور اللبناني.
وكذلك الأمر فإن ورشة العمل مطلوبة أيضاً لتطبيق وتنفيذ اللامركزية الادارية الموسعة دون ان يشكل ذلك مسّاً بمبدأ الانماء المتوازن الوارد في مقدمة الدستور وبالدور الفاعل للدولة المركزية وسيادتها المطلقة على سياستها المالية والخارجية والدفاعية على ان تشكل هذه اللامركزية الادارية المطلوبة فرصة للانماء الذاتي للسلطات الادارية المنتخبة وذلك من خلال تأمين تنوع مواردها المالية القادرة على لعب هذا الدور وصولاً لتكاملها بين كافة المناطق اللبنانية وتعاوناً فيما بينها انطلاقاً من مبدأ احترام ميثاق العيش المشترك والانماء المتوازن ووحدة الوطن اللبناني التزاماً بالفقرة (ط) من مقدمة الدستور.
من هنا ضرورة بناء الروح الوطنية لدى شبابنا وأولادنا لا تركهم يغادرون وطنهم بحثاً عن رزقهم ومستقبلهم وها ان المجتمع الدولي يستقطبهم للاستفادة من طاقاتهم بكل اسف وذلك لإفراغ لبنان من عقوله وهو ما نرفضه بصورة مطلقة.
فالدولة الراعية والعادلة والحديثة هي الدولة القادرة حصراً على حماية الوطن وتحييده عن الأخطار المحدقة به وذلك من خلال الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية والادارية، لا بل من خلال قضاء مستقل قادر على ردع الظالم وحماية المظلوم.
كما وان امننا الوطني يتكرس من خلال امننا الاجتماعي والصحي والبيئي لأنه لم يعد مقبولا اذلال المواطن وخاصة بعد ان نهبت ودائعه المصرفية دون التجروء على محاسبة الفاسدين والمتسببين به، فكفى التكلم عن فساد دون ملاحقة الفاسدين مهما علا شأنهم.
هذه هي الأسس الواضحة لتكريس أمننا الوطني وذلك في بداية المئوية الثانية للبناننا الكبير خاصة واننا ايضاً على مشارف الاحتفال بالمئوية الاولى لولادة دستورنا اللبناني في شهر أيار من العام 2026.
كما وان امننا الوطني لا يمكن ان يتأمّن الّا من خلال عودة لبنان الى سياسته الخارجية القائمة على الالتزام بميثاق جامعة الدول العربية وانتمائه الى محيطه العربي وتحييده عن الصراعات العربية والاقليمية خاصة وان مجلس الامن الدولي اصدر في شهر حزيران من العام 2012 بياناً ايد فيه مبدأ تحييد لبنان وتبعته في ذلك المجموعة الاوروبية والجامعة العربية دون ان يكون هذا التحييد خروجاً عن التزام لبنان بالقضية الفلسطينية المحقة وعن الاجماع العربي والالتزام بقرارات الشرعية الدولية.
كما وان امننا الوطني يوجب علينا الالتزام بسيادة لبنان وبحدوده المعترف بها دولياً ولكن هذا الامر يتطلب وحدة لبنانية كاملة في مواجهة العدو الاسرائيلي لإلزامه بالانسحاب من ارضنا المقدسة خاصة وان مجلس الأمن الدولي اكد سواء في القرار 425 أو في القرار 1701 على الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً وليس على الخط الازرق الذي كان خط انسحاب في العام 2000.
من هنا فان حماية سيادتنا تكمن في العودة الى اتفاقية الهدنة سنة 1949 لانها الوحيدة التي تؤكد في مادتها الخامسة على التزام اسرائيل بالحدود الدولية بينها وبين لبنان وبالتالي تكون هذه الاتفاقية عنصراً اساسياً من عناصر امننا واستقرارنا الوطني كي يكون لبنان بمنأى عن مخاطر واطماع اسرائيل الهادفة الى شرذمة وحدتنا الوطنية وازالة الكيان اللبناني والسيطرة على موارده الطبيعية.
سنة 1949 وتبعاً للحرب بين اسرائيل والدول العربية، وتبعاً لصدور القرار رقم 62 عن مجلس الأمن الدولي سنداً للمادة 40 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وقّع لبنان اتفاقية هدنة مع اسرائيل، وفي العام نفسه أي في 11 أيار 1949 تم قبول اسرائيل عضواً في الأمم المتحدة وكان هذا القبول قبولاً مشروطاً اذ ان القرار رقم 273 الذي قضى بالاعتراف باسرائيل ربط ربطاً مباشراً ومحكماً بين قبول اسرئيل في عضوية الامم المتحدة ووجوب التزامها في تنفيذ القرارين 181 و194؛ وبذلك تكون اسرائيل الدولة الوحيدة التي تم قبولها عضواً في الأمم المتحدة وارتبط قبولها بشرط تنفيذ القرارين المذكورين.
لقد اردتُ سرد هذه الوقائع لأعود اليها عند مناقشة موضوع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي سوف يشكل استقراراً اقليمياً سنداً للمبادرة العربية للسلام وصولاً الى ازالة خطر التوطين، وهنا تكمن مصلحة لبنان وأمنة.
أما بالنسبة لإتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان واسرائيل سنة 1949 سنداً للمادة 40 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة فهي لا تزال مستمرة حتى تاريخه باقرار مجلس الأمن الدولي رغم معارضة اسرائيل ولكن يتوجب علينا عرض النقاط التالية:
أولاً: ان القرار رقم 62 الصادر بتاريخ 16/11/1948 عن مجلس الأمن الدولي والذي تم توقيع اتفاقية الهدنة على أساسه يعتبر مرجعاً أساسياً لهذه الاتفاقية حيث ورد فيه ما حرفيّته:
“انه من اجل إزالة تهديد السلام في فلسطين ولتسهيل الإنتقال من المهادنة الى السلام الدائم في فلسطين فانه قرر إقامة هدنة في كلّ انحاء فلسطين”.
ثانياً: تنص المادة الأولى من اتفاقية الهدنة على أربعة مبادئ يتوجب على لبنان واسرائيل التقيد بها اثناء تطبيق اتفاقية الهدنة لتسهيل الوصول الى حالة السلم الدائم في فلسطين سنداً للقرار62 الصادر عن مجلس الأمن ومن أهمها:
– إعتبار الهدنة خطوة لابد منها لتصفية النزاع المسلح وإعادة السلم الى فلسطين.
ملاحظة مهمة: استعمل مجلس الأمن الدولي عبارة: “اعادة السلم الى فلسطين وليس “اسرائيل” ولذلك ابادر الى القول بان مجلس الامن الدولي الذي لا يزال متمسكاً بإتفاقية الهدنة، انما هو موافق بصورة صريحة على ضرورة اعادة السلم الى “فلسطين” اي ان مجلس الامن يعترف بوجود دولة “فلسطين” كما كانت تسمى دولياً يومها كجزء أساسي من قراره الصادر تحت اطار الفصل السابع لا بل ان القرار رقم 273 الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة والذي كان قراراً بالاعتراف المشروط بدولة اسرائيل انما تضمن شرط اعتراف والتزام اسرائيل بالقرارين 181 و194 المتعلقان بتقسيم فلسطين الى دولتين اي ان الامم المتحدة موافقة منذ تاريخه على حل الدولتين وعلى حق العودة وهما قراران التزم بهما يومها مندوب اسرائيل التي تراجعت لاحقاً عن هذا الالتزام دون حصول اي تراجع عنهما من قبل الجمعية العمومية للامم المتحدة.
ثالثاً: أكدت المادة الثانية من الإتفاقية على كونها اتفاقية محض عسكرية وغير سياسية وبذلك يكون لبنان يؤكد التزامه بمبادرة السلام العربية المبنية على حل الدولتين.
رابعاً:أكدت المادة الثالثة من الاتفاقية على عدم حق أي طرف من تخطي خط الهدنة المبين في المادة الخامسة من الاتفاقية وهي الحدود الدولية او ان تعبر المجال الجوي التابع للفريق الآخر أو المياه الإقليمية الواقعة ضمن ثلاثه اميال من الخط الساحلي التابع للفريق الآخر، وهنا تكن أهمية هذه المادة لحسن تطبيق القرار 1701 الذي استند الى اتفاقية الهدنة في احدى فقراته التنفيذية.
خامساً: أكدت المادة الرابعة من الاتفاقية على اعتبار الحدود الدولية المحددة في المادة الخامسة منها خطاً للهدنة الذي لا يحق لأي طرف تخطيه.
وبالتالي نصت الفقرة الاولى من المادة الخامسة منها على ما حرفيته:
“يتبع خط الهدنة الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين.”
أي الحدود التي تضمنتها اتفاقية “بوليه–نيوكومب” بين فرنسا وبريطانيا سنة 1923.
سادساً: ان الملحق لإتفاقية الهدنة اكد على انسحاب وتخفيض القوى المسلحة للطرفين خلال المرحلة الانتقالية قبل الوصول الى سلام دائم في فلسطين وهو أمر يتوجب التوقف عنده لتطبيقه في هذه المرحلة الحاضرة لضمان التنفيذ الصحيح للقرار 1701 المبني في احدى فقراته التنفيذية على الالتزام باتفاقية الهدنة والحدود الدولية للبنان.
سابعاً: جواباً على السؤال الذي يطرح عن امكانية اتفاق الطرفين انهاء الاتفاقية ام انه متروك للأمم المتحدة ولا سيما مجلس الأمن نجيب:
ان من يقرر ذلك هو مجلس الأمن كون الإتفاقية مبنية على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة كون الوضع في فلسطين لا يزال قانونياً ضمن اطار الفصل السابع وان مجلس الأمن أكد دائماً على ضرورة تطبيق اتفاقية الهدنة وخاصة القرارات 425 و426 و1701.
لقد اكد القرار 425 الصادر عن مجلس الأمن على التأكيد على الزام اسرائيل بالإنسحاب من لبنان الى ما بعد خط الهدنة وهو الأمر الذي لم يحصل بالكامل حتى تاريخه، خاصة وان القرار المذكور يؤكد على استقلال لبنان السياسي وعلى السيادة اللبنانية على كامل اراضيها واحترام اتفاقية الهدنة وتثبيت بنودها.
وبالتالي تعتبر اتفاقية الهدنة بين لبنان واسرائيل هي الوحيدة التي تحمي سيادة لبنان بصورة متكاملة مع القرار 1701 والقرارات الدولية ذا ت الصلة ولقد قام مجلس الأمن الدولي بتصديق اتفاقية الهدنة بموجب قراره ذات الرقم 73 تاريخ 11/8/1949 مما يعني ان مجلس الأمن أصبح ملزماً بالتحرك لالزام اسرائيل بالانسحاب من لبنان سنداً لأحكام الفصل السابع.
بعد حرب العام 1967 رفضت اسرائيل الاعتراف باتفاقية الهدنة واعتبرتها ساقطة من طرف واحد مناقضة بذلك أحكام المادة الثامنة من هذه الاتفاقية التي تعتبرها مستمرة حتى الوصول الى حل سلميّ في فلسطين.
– إضافة الى ان القرار رقم 450 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 14/6/1979 أكد على ما حرفيته:
“ان مجلس الأمن يعيد التأكيد على صحة وشرعية اتفاقية الهدنة العامة بين لبنان واسرائيل.”
وها ان القرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن سنة 2006 اكد في فقرته التنفيذية الرابعة على تقيده باتفاقية الهدنة وبالحدود الدولية للبنان التي أوردنا سابقاً بأنها محددة بموافقة اسرائيل ضمن المادة الخامسة من اتفاقية الهدنة.
ان ما تقدّم أعلاه يؤكد استمرار وجود ونفاذ هذه الاتفاقية واستمرارها بقوة القانون الدولي لتطبيق القرار 1701 وخاصة لجهة الزام اسرائيل بالإنسحاب من رأس الناقورة المحددة بالنقطة B1 ومن كافة الأراضي اللبنانية المحتلة من قبلها حتى اليوم وخاصة في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا وذلك احتراماً للحدود الدولية المعترف بها منها ومن الأمم المتحدة خاصة وان الترسيم الحاصل بين لبنان واسرائيل في كانون الأول من العام 1949 اكد على الحدود الدولية للبنان وان احداثيات هذا الترسيم موثقة وموجودة لدى الامم المتحدة التي لا تستطيع انكار وجودها.
وبالتالي وعودة الى القرار 1701 فان الامم المتحدة ومجلس الأمن ملزمان بالتقيد باتفاقية الهدنة وبموادها كافة وخاصة المادة الخامسة منها لجهة الزام اسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة كشرط اولي واساسي لاحترام خط الهدنة مع الزام اسرائيل بتخفيض عدد قواتها في الطرف المقابل وضمان الأمم المتحدة لهذا الأمر والّا لماذا يستمر مجلس الأمن بإعادة التأكيد على اتفاقية الهدنة في قراراته الدولية!!
اما ادعاء اسرائيل بعدم انسحابها من مزارع شبعا بحجة انها اراض سورية وخاضعة للقرار 242 وبأن سوريا ملزمة بتسليم الأمم المتحدة الخرائط حولها، فإننا ندلي بصورة اضافية ما يلي:
1- ان لبنان وسوريا اجريا بتاريخ 27/3/1946 عملية مسح جغرافية بواسطة قاضيين وهما القاضي عدنان الخطيب والقاضي رفيق غراوي أكدا بموجبها بأن مزارع شبعا لبنانية وتوجد خريطة مساحة رسمية بذلك.
2- ان لبنان غير مشمول بالقرار رقم 242 الصادر عن مجلس الأمن سنة 1967 لكون الأراضي اللبنانية لم تكن محتلة يومها بإقرار الأمين العام للأمم المتحدة يو ثانت وذلك بموجب بيانه تاريخ 19/9/1967 الذي أكد فيه على استمرار اتفاقية الهدنة التي لا يمكن تعليقها او إعادة النظر بها كون خط الهدنة لم يتبدل باقرار الامين العام يومها. (أي الحدود الدولية للبنان).
3- سنة 2008 وبعد انتهاء اجتماع القمة السورية-اللبنانية في دمشق صدر البيان المشترك حيث اكد فيه الجانبان بصورة حرفية على ضرورة انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا وكفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر كما تقضي قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.”
وبالتالي فان اي كلام عن ترسيم جديد للحدود البرية مع اسرائيل هو في غير موقعه الصحيح كون حدود لبنان الدولية مكرسة ومعترف بها دولياً.
اما اذا أدلت اسرائيل بأن جبل حرمون حيث توجد مزارع شبعا هو جبل يعود اليها سنداً للتوراة فانني أجيب بأنه ورد حرفياً في حزقيال في التوراة ما حرفيته:
ونظر موسى الى” الشمال، الى ارض لبنان والجبال وقال: هذا الجبل لمن؟
أغمض عينيك!!! محال! اجابه الله بصوتٍ مزلزل… هذه الارض والجبال وقف لي ولن تطاها قدماك ولا كل من عندك من رجال!!! لبنان وقف الله الآن والى الازل.”
قبل ان انهي كلمتي وانسجاماً مع مبدأ التكامل بين أمننا الوطني والصراع العربي الإسرائيلي أود أن أتكلم عن الأساس القانوني لحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس فأقول وأكد وبصورة واضحة ومن ناحية القانون الدولي بان الامم المتحدة وعندما اعترفت بالدولة الاسرائيلية فانما كان ذلك كان اعترافاً مشروطاً وذلك بعدما التزم مندوب اسرائيل يومها بالتزام اسرائيل بالقرارين رقم 181 و194 أي ان هذا الأخير التزم واعترف بدولة فلسطين العربية ضمن فلسطين وبحق العودة.
وبالتالي فانه ومن منطلق القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة فان اسرائيل تكون قد خالفت التزامها الصريح الذي التزمت به كشرط لقبول عضويتها في الأمم المتحدة سنة 1949.
وبالتالي فانني اتساءل امامكم:
– كيف يستطيع العالم والأمم المتحدة غض النظر عن هذه المخالفة القانونية الواضحة لقرارات نافذة ورسمية والإبقاء على عضوية اسرائيل في الأمم المتحدة بعد أن تخلت وتراجعت هذه الأخيرة عن الشرط الذي قبلت على اساسه كعضو في الأمم المتحدة ونسميه في القانون بالشرط الفاسخ.
وبالتالي وسنداً لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة سنة 1970 الذي يعطي الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير.
فان مجلس الأمن الدولي مدعو من ناحية الالتزام بقراراته وبالقانون الدولي بإقرار توصية رسمية بالقبول بدولة فلسطين كعضو في الأمم المتحدة لها كامل الحقوق والصلاحيات او ان مجلس الأمن يصبح عندها ملزماً من الناحية القانونية ايضاً واحتراماً لميثاق الامم المتحدة بإقرار توصية تقضي بتعليق عضوية اسرائيل لا بل بنزع الشرعية الدولية عنها كدولة عضو في الامم المتحدة وذلك سنداً لتحقق الشرط الفاسخ وسنداً للقرار الصريح رقم 273 الصادر عن الجمعية العمومية للامم المتحدة.
فاذا كان المجتمع الدولي يعترف بحق الدولتين على ارض فلسطين من منطلق ضرورة اقرار السلام العادل والدائم والشامل فهو ملزم باعطاء الشعب الفلسطيني كامل الحقوق في أن يعيش في دولة حرة مستقلة آمنة قابلة للحياة وبذلك يتحقق الاستقرار في المنطقة انسجاماً مع روح ومضمون المبادرة العربية للسلام.
وبالتالي فانه يتوجب على الشعب الفلسطيني ان يكافح من أجل دولته وأن يوحّد كلمته بهذا الخصوص كشرط جوهري للوصول الى حقوقه لأنه حقيقة تاريخية تبحث عن حقها في الحياة، ولكنه اذا استمر لا سمح الله، في حالة الانقسام فان ذلك سوف ينعكس عليه سلباً امام منطق التاريخ.
ان اقرار المجتمع الدولي بحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة يؤدي الى ازالة خطر التوطين في لبنان كما ويؤدي الى تفعيل مبدأ السلام العادل والدائم والشامل وهو مبدأ اقرته جميع القمم العربية السابقة لا بل انه يؤدي ايضاً الى تحصين الامن الوطني في لبنان لمصلحة الدولة الساهرة على قرارها وسلطتها على كامل التراب اللبناني كما اكدت على ذلك وثيقة الوفاق الوطني.
أيها الأحباء،
أردتُ أن أعرض أمامكم رؤيتي الشخصية والمستقلة لأمننا الوطني المتكامل مع الواقع الاقليمي وصولاً الى ازالة الهواجس الداخلية والاقليمية المؤثرة على أمننا الوطني آملاً ان اكون قد وفيت بوعدي في ان أقول كلمة الحق والقانون خدمة للعدالة والانسانية ولحقوق الانسان.
ان اليأس هو سلاح الضعفاء، ونحن أبناء الحق والرجاء، نحن أبناء السلام، سلام الشجعان، سلام الأقوياء لأن قيامة لبنان آتية لا محالة. فلتتوحد قلوبنا وعقولنا كي نبقى حقيقة لبنانية واحدة واذا قسمت الحقيقة الى قسمين فانها لن تتحول الى حقيقتين بل الى خطأين.