play icon pause icon

منى فياض

الأثنين ٢٤ آذار ٢٠٢٥ - 08:36

المصدر: صوت لبنان

هل يمكن للاصلاح ان يستعيد الدولة مع وجود السلاح؟

وجود السلاح خارج سلطة الدولة، لا يمنع اعادة الاعمار فقط، بل يمنع الاصلاح وبناء الدولة ايضا، ويولد نقاط نزاع جديدة، كما مع الحدود السورية.
فكيف الخروج من الدوامة التي يعلق بها لبنان؟ وهل ستتم عملية الإصلاح الجذري وانهاء النزاعات؟ أم لا يزال أمامنا المزيد من المراوحة والخسائر قبل بلوغ هذه الغاية؟ ام اننا لن نبلغها؟
فما هو المطلوب الآن؟
بالطبع إن عملية استعادة الدولة والثقة بها، لن تتم بسرعة وسهولة. بل عبر خطوات عملية ملموسة، وليس فقط بالشعارات. حتى الآن لا يزال معظم اللبنانيين ينظرون بعين الشك الى الوضع، ما دامت ايران تصر على الاحتفاظ بنفوذها عبر الحزب.
ان بقاء سلاح خارج سلطة الدولة يعني أن هناك جهة فوق القانون، قادرة على تعطيل أي محاسبة أو تغيير سياسي حقيقي.
فهل يمكن النجاح في عملية الاصلاح من دون مواجهة دور السلاح والميليشيات التي عطلت حتى الآن أي امكانية لبناء الدولة؟ أليس السلاح هو العائق الأكبر؟ خصوصاً عند وجود من يعتبر أنه يؤمن له الحماية؟
ما يساعد تمكين السلاح للاستقواء على الدولة، ارتباطه المباشر بدوائر الفساد، على حساب قيام دولة حديثة وقوية، تطبق دستور البلاد وقوانينها، التي لحظت العديد من المؤسسات الرقابية المعطّلة قسراً.
إن استمرار هذا الوضع يجعل أي محاولة للإصلاح واسترجاع دولة حقيقية، مجرد “تعديل” في هيكل الدولة، وليس تغييرًا جذريًا، ما دامت الميليشيات قادرة حتى الآن على فرض الخطوط الحمراء في أي وقت.
ومع وعي خطورة فرض الحل بفرض نزع السلاح مباشرة، يمكن العمل على تحجيم دوره تدريجيًا من خلال:
إمساك الوضع على الأرض، وإعادة بناء الدولة القوية، التي تطبق القانون على الجميع، لمنع استمرار حالات “الدولة ضمن الدولة”. ان انهاء ظاهرة بقاء “دولة ضمن الدولة”، يمنع استمرار هذا الوضع، ويصبح الاحتفاظ بالسلاح غير مبرر.
أهمية العمل على فك الارتباط بين بيئة الحزب، التي تزعزعت ثقتها به، والميليشيات؛ عبر إصلاحات اقتصادية واجتماعية بأسرع وقت، تؤمن بدائل حقيقية للرعاية التي اصبح عاجزاً عن تقديمها.
لكن المشكلة لا تكمن فقط في الأفراد، بل في البنية السياسية ومنظومتها، التي تسمح بإعادة إنتاج نفس الوجوه تحت عناوين مختلفة.
فالحكومة الحالية سمحت باستمرار هيمنة رجال المال والسياسيين القدامى، فهي تضم العديد من رجال المال، وبعضهم كان في مراكز القرار في المرحلة السابقة، خصوصًا وزارة المال التي كانت في صلب الأزمة الاقتصادية. من هنا ضرورة فرض قوانين واضحة حول تضارب المصالح، وتطبيقها لمنع رجال المال من التحكم بالقرار المالي للدولة.
المهم ايضا استمرار الضغط الشعبي والإعلامي، لتسليط الضوء على أداء الوزراء، وعدم السماح بتمرير صفقات جديدة.
إن تغيير دور الأحزاب وأدائها في لبنان، لا يتم إلا بعد تنفيذ إصلاحات جذرية في بنية الدولة، من بينها التمثيل العادل لكافة المواطنين، بحيث يشعرون بأنهم محميون وممثلون بعدالة بغض النظر عن طوائفهم.
ان رعاية المواطنين، وتحقيق العدالة والمساواة، وضمان الحريات، وبسط السيادة هو أساس أي دولة حديثة وقوية. لكن حتى يتحقق ذلك، هناك عوامل أخرى نحتاجها:
كخطوات صغيرة ولكن ذات تأثير واسع:
المطلوب تحركات مدروسة بدل الخطوات العشوائية التي يمكن احتواؤها بسهولة، خطوات صغيرة ولكن ذات تأثير واسع:
ان التركيز على التدقيق الجنائي والإداري والمالي هو مدخل أساسي لذك، لأنه يفتح الباب لمحاسبة الفاسدين، ويكشف الشبكات التي تُبقي النظام الطائفي قائمًا عبر الفساد والزبائنية.
إجراء التدقيق الجنائي الفعلي، وليس فقط استخدامه كأداة سياسية أو انتقائية، بحيث يشمل كافة المؤسسات الكبرى (المصرف المركزي، الوزارات، الصناديق، المؤسسات المستقلة).
الخطوة التالية تكون بإعادة تفعيل مؤسسات الرقابة (ديوان المحاسبة، هيئة التفتيش المركزي، المجلس الدستوري، مجلس الخدمة…) ومنحها صلاحيات فعلية بعيدًا عن تدخل السياسيين.
وهذا يتطلب ورشة إصلاح في وزارة العدل لتطهير القضاء من التبعيات السياسية وتأمين استقلاليته، لأن القضاء هو مفتاح الإصلاح الحقيقي.
وإصلاح الإدارة العامة ووضع معايير تعيين واضحة وتطبيقها، بحيث تكون الكفاءة هي الأساس وليس الولاء الحزبي.
يفترض ان هذه الخطوات، يمكن أن تعيد الثقة للمواطنين بأن هناك إمكانية للمحاسبة. فالإصلاح بهذه الطريقة يكون ملموساً ولا يعتمد على الوعود فقط، كما انه يضعف هيمنة الأحزاب الطائفية التي تعتمد في معظمها على الفساد والزبائنية.
بناء دولة القانون والمؤسسات
تعزيز القضاء المستقل ليكون فوق الطوائف والضغوط السياسية.
تطبيق القوانين على الجميع دون استثناء، فلا حزب أو زعيم يكون فوق القانون.
إنهاء ثقافة الزبائنية حيث يعتمد المواطن على الزعيم الحزبي للحصول على الخدمات بدلًا من الدولة.
الأولوية هنا: إصلاح النظام السياسي والانتخابي، لمنع تعزيز الطائفية، ما يسمح بتشكيل كتل سياسية على أساس برنامجي وليس طائفي.
نظام لامركزي إداري موسع ما يقلل من الحاجة إلى التبعية للأحزاب الطائفية.
إعادة هيكلة الاقتصاد وخلق فرص عمل وبناء اقتصاد منتج، وتشجيع الاستثمار.
وتظل أهم الخطوات إعادة بناء الهوية الوطنية
إصلاح المناهج التعليمية لإزالة الخطاب الطائفي وتعزيز مفهوم المواطنة، بحيث يكون الانتماء للوطن قبل الطائفة أو الحزب، وتعزيز الفكر النقدي والمشاركة السياسية الواعية..
ثم الحد من التدخلات الخارجية.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها