منى فياض

الأثنين ١٧ حزيران ٢٠٢٤ - 13:42

المصدر: صوت لبنان

عن حرب الجنوب وصرف التعويضات المثير للجدل


يسرد فوزي ذبيان، في روايته الجديدة “مذكرات شرطي لبناني”، بعض الحوادث التي هيمنة حزب الله على الجنوب، ووظيفة رجال الأمن اللبنانيين، كشهود زور.
يكتب:” نحن كقوى امنية في الجنوب اللبناني لا شيء”. نحن على هامش الأمن والاستقرار والسيادة، جُلبنا الى هنا لمحض تأكيد كذبة تقول ان الدولة اللبنانية، وبعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، تبسط سيطرتها على “كامل تراب الوطن”.
دورهم، مجرد سعاة بريد إقليميين (عندما كانت تتشنج علاقة الحريري بالسوريين)، لا ناقة لهم ولا جمل، حيال ما يحصل فوق ارض الجنوب.
عندما تسلّم مركزه في الجنوب، تصرّف ببداهة عدم وجود حدود جغرافية تمنع عليهم كقوى امنية تخطيها. لكن بعد ان تجولت دوريته في وادي الحجير وصل الى نقطة قرب دغل، برز له شاب بتمام عتاده العسكري وسأل ” شو فينا نخدمكن؟”. رد الدركي: “ولا شي، سلامتك”. واعتقد انه سيتوارى في الدغل؛ لكن الشاب أردف: “بس ممنوع تفوتوا لهون”، وظهر معه عدة عناصر. وبعد ابتسامة عنجهية مقززة من العنصر، امرته قيادته بالتراجع وترك المنطقة.
أما ما تسبب بنقله من الجنوب، فحادثة توقيفه لسيارة مسرعة لشيخ يتجول في دغشة الفجر مع قذائف آر بي جي ظاهرة للعيان على المقعد الخلفي. وعندما سأله: شو هودي يا شيخ؟ رد: شو شايفهن، يا وطن؟ وباستهزاء: انهم “قصب مص”، مع ابتسامة تشي باستخفاف جهنمي: وشو مش عاجبك؟
ثارت ثائرة الدركي وتوجّه له بشتائم لم يسمع منها شيخ قبله.. أيضاً طُلب منه ترك الشيخ يمر بسلام. وأبعد الشرطي إثر ذلك الى بيروت. والامثلة من هذا النوع لا تعد ولا تحصى.
طبعاً، لم يعد هذا الوضع خافياً على احد بعد الآن. الدولة بقضها وقضيضها تحت امرة الحزب. أدخلنا حرباً استباقية، سماها مساندة لغزة؛ فاحترق الجنوب وتشرد اهله في منطقة عازلة بعدة كيلومترات، وفقدوا بيوتهم وارزاقهم واحترق زيتونهم واشجارهم المثمرة وتضررت أراضيهم الزراعية لسنوات طويلة قادمة.
رغم ذلك، يتحفنا بعض الجنوبيين، غير المتضررين، متراقصين في الملاهي او يتشمسون على شاطئ بحر صور، انهم صامدون وغير خائفين، فحزب الله لديه القدرة على حمايتهم وتركيع إسرائيل!!
وهذا الكلام المستفز لمعارضي الحرب، لا يعتمد سوى على تجنب الإسرائيليين، نسبياً حتى الآن، استهداف المدنيين بشكل مباشر، هرباً من المزيد من الإدانات التي تطالها. ويكفيها عار ادانتها في حرب الإبادة التي تشنها في غزة.
تعزز بطولة هؤلاء المجانية، تنامي الأصوات المعارضة لتخصيص المبالغ التي قررت الدولة صرفها لتعويض بعض المحظوظين، جراء هذه الحرب. دون توضيح من هم ولا كيف تم اختيارهم او لماذا؟ وهل هم مدنيون او مقاتلون حزبللاويين؟ ما يشي بصفقة تطال بعض المستقوين بالحزب، او زبائن السلطة الحاكمة.
في حين ان الدولة العلية، لم يسبق لها ان عوّضت متضرراً واحداً من الجرائم التي تتسبب بها، على غرار انفجار المرفأ مثلاً. وحتى ان الجرحى والمصابين منهم لا يزالون يتعالجون على حسابهم حتى الآن.
ولو ان المساعدات ذهبت مثلاً للتخفيف من معاناة المدنيين المهجرين في المدارس او لطبابتهم او لمساعدة التلامذة او لبرمجة إعادة اعمار بيوتهم المهدمة، او تعويض مواسمهم الزراعية التالفة، لهان الأمر. وشرط ان تكون شفافة وتوضع لها قواعد ويعوضونهم مع غيرهم ممن يتضررون من سياسات الدولة التي تتسبب بمقتل مواطنيها.
لا شك ان من واجب الحكومة، التي غطت وتغطي حرب الحزب، التعويض عن المدنيين غير التابعين للحزب. لأن على ايران والحزب التعويض عن اتباعهما.
اما لماذا على الدولة التعويض عن المدنيين غير الحزبيين، فلكي نحافظ على استقلاليتهم وكي لا تشتريهم إيران باموالها اذا ما قررت التعويض ذات يوم وقدرت عليه.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها