play icon pause icon
عباس الحلبي

عباس الحلبي

الثلاثاء ٨ حزيران ٢٠٢١ - 10:09

المصدر: صوت لبنان

هل يكون تأثير البابا عليهم سبيلاَ لنجاتهم من لعنات التاريخ؟

تناولَت وسائل الإعلام خبر دعوة قداسة البابا فرنسيس إلى بعض الرعاة المسيحيين لزيارة الفاتيكان للتباحث والتداول بالشؤون اللبنانية.  ويبدو أنَّ الدعوة لا تزال غير واضحة هل هي مقتصرة على بطارِكة الكاثوليك فقط أم أنها ستنسحب على سائر البطاركة معاً من غير الكاثوليك.

إنّ هذه الدعوة على أهميَّتها الكبيرة تثير ولا شك عدة تساؤلات حول توقيتها ومواضيعها والنتائج المتوخاة منها. خصوصاً وأنَّ البابا قد حذَّر من محاولات تغيير هوية لبنان.

من الحكمة أن يسعى غبطة البطريرك الراعي إلى الدعوة إلى قمة روحية إسلامية مسيحية في بكركي للتداول بالأمر ومحاولة الحصول على تفويض من رؤساء الطوائف اللبنانية لتمثيل القضية اللبنانية على ضوءِ مواقفه الثابتة التي رددها مراراً وتكراراً بشأن حياد لبنان والدعوة إلى مؤتمر دولي حوله والعودة إلى الدستور وإتفاق الطائف وفك اسر الشرعية اللبنانية وتطبيق القرارات الدولية وتشكيل حكومة من مستقلين أخصائيين غير حزبيين وهو بهذا السعي يستعيد تجربة البطريرك الحويك في رحلته إلى باريس لإعلان دولة لبنان الكبير منذ مئة عام.

من موقع المحب أعتقد أن دعوة البابا هذه على أهميتها ولِضمان تأمين نجاحها لا يمكن إقتصارِها على الفريق المسيحي الكاثوليكي أو العام.

عندما قرر سلف البابا الحالي القديس يوحنا بولس الثاني لأول مرة في التاريخ تخصيص سينودس للأساقفة لبلدٍ واحد هو لبنان مطلع التسعينات من القرن الماضي كانت الظروف مشابهة:

وبالفعل،

خرجَ المسيحيون من الحرب مثقلين بالخسائر، زعماؤهم في المنفى، هل نفعتهم عودتهم، الهجرة كثيفة، قاطعوا الإنتخابات النيابية وهم كانوا في حالتي الضعف والوهن. فرَغِبَ البابا القديس أن يرفع من معنويات قطيعه فدعا إلى تجديد خطاب الكنيسة بعد إجراء عملية فحص ونقد ذاتي ودعوة لإدخال إصلاحات  ليتورجية وإبتكارِ رسالة جديدة لهم على الصعيدين الوطني والعربي. ولكن البابا أدرك بِحسّهِ الإنساني العالمي ومحبته للبنان وإيمانه الروحي العميق ومعرفته بالتركيبة اللبنانية أن مشاكل لبنان لا تُبْحَث فقط مع المسيحيين وإنما أيضاً وهو الحريص على الوجود المسيحي في لبنان والشرق أن تُبحَث بوجود  الشركاء المسلمين والموحدين الدروز فشملت دعوته رؤساء الطوائف الذين أرسلوا مندوبين لحضور السينودس.

إنها تجربة يطمح إلى تكرارها اللبنانيون المخلصون في ضرورة توسيع قاعدة الدعوة مِن قِبَل البابا إلى جميع الطوائف اللبنانية لحضور الإجتماع لأنَّ مشاكل لبنان لا يمكن لأي فئة إحتكار حلّها بل هي نتيجة تفاعل وتشارُك جميع اللبنانيين خصوصاً وأنَّ الآراء غير متفقة بينهم على جميع المطالب.

لا شكّ أنَّ هذه الرغبة إن أخذت هذا المسار طالما لبنان يحتاج إلى نجاحها أمام إنسدادِ الأفق على الصعيدين السياسي والحكومي ربما تحفز من هم في المسؤولية السياسية لكي يعوا مخاطِر إستمرارهم في سدّ أفقِ الحوار الداخلي وإجهاض محاولات التسوية لإخراجِ البلد مِن أزماته قبل الإنهيار التام الذي نحن أوشكنا في عمقه. 

كنت أتمنى لو يستطيع الحبر الأعظم دعوة هؤلاء لأنَّ بِيَدِهم الحل والربط وهم مبدئياً يدينون بالإيمانِ نفسه لعلَّ تأثير البابا عليهم يفتح لهم سُبُل النجاة من لعنات التاريخ.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها