المصدر: صوت لبنان
ما يُخشى هو أن تكون الصفقة كما العادة على حساب لبنان
قصور الساسة والحكام جعل من البلد مادة للتفاوض على مائدة الكبار. يلجأ البعض إلى العواصم لكسب ودها وتسجيل النقاط على الخصم المحلي. بعضهم يعارضون بشدة طرح البطريرك لاعلانه لبنان بلدا محايدا وعقد مؤتمر دولي لحل قضاياه واللاعبون يلجأون إلى الخارج لتقوية مواقعهم في الداخل.
يستشف من دعوة البطريرك انه عوض التعاطي المنفرد مع الخارج لتغليب المصالح الشخصية على الاخصام لماذا لا تتم الدعوة إلى مؤتمر دولي يسعى لتغليب المصلحة العامة على ما عداها.
انسداد الحوارات في الداخل يقابله كثرة الحديث عن حوارات تجري في الخارج بين السعودي والإيراني وبين الإيراني والاميركي برعاية عدة دول في فيينا. لاشك ان نتائج هذه الحوارات ستنعكس على الداخل وبالنتيجة يبدو ان لا حكومة قبل الوصول إلى الصفقة ولا حلول اقتصادية قبل بلوغ هذا الهدف.
ولكن ما يُخشى هو أن تكون الصفقة كما العادة على حساب لبنان.
لانعاش الذاكرة يوم أخذت سوريا موقفا معاديا من العراق لاجتياحه الكويت وانخرطت في التحالف الدولي لتحريرها قدم لبنان هدية لها فمارست السلطات السورية الوصاية على البلد مدة خمس عشرة سنة وكانت المآسي التي عاشها اللبنانيون ولكن بالمقابل في جو من الرخاء الاقتصادي والازدهار السياحي والبحبوحة النقدية.
اليوم وبعد اضعاف مناعة البلد إلى حد الانهيار التام لربما كان لبنان ورقة سهلة للمقايضة على طاولة المفاوضات فيشهد البلد عصرا جديدا سوريا أو إيرانيا وعزلة عربية وتراجعا معيشيا. هؤلأ يحسنون التخريب ولا يتقنون البناء. والاخطر دون ان يعيره احد اهمية ما قاله البابا عن تغيير وجه البلد وتحويله من بلد العيش المشترك إلى بلد ضرب التعددية والحرية.
إي معنى للبنان اذا نزعت منه مزاياه التي جعلت من مجتمعه مجتمعاً منفتحاً مزدهراً تستطيع شرائحه المختلفة من ممارسة عقائدها بحرية وافكارها بانفتاح.
الخطير في هذا المشهد جر لبنان إلى حضن ائتلاف دول تكاد تكون معظم دوله خارج المجتمع الدولي وقد سمعنا تنظيرا للسوق المشرقية التي تعاني دولها اساسا من مشاكل بنيوية في اقتصادياتها وهشاشة في حياتها المعيشية وقمعا للرأي الحر.
عوض تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة الاخطار فان اللبنانيين متفرقون مختلفون لا حوار بينهم ولا تعاطي في حده الادنى لا بل استسلام لواقع سيفرض. سفينة تتلاطمها الامواج العاتية بلا ربان والناس لاهثة وراء لقمة الخبز وعلبة الدواء وليتر المحروقات.
في هذا الجو يحل عيد العمل والعمال. والعمل مأزوم والعمال في ضيقة ولكن فصح القيامة يبشر بيوم جديد حيث ينكفأ الفاسدون وتشرق شمس الخلاص.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها