المصدر: صوت لبنان
لبنان الرسالة أضحى بلداً مشلّعاً
عَزْمُ البابا فرنسيس على زيارة لبنان كما أعلن لأن هذا البلد يعاني من أزمة وجودية كما قال، يطرح أمام اللبنانيين تحدياً جديداً لِتَهيئة الأجواء الناجحة لهذه الزيارة خصوصاً على ضوء الحال التي بلغها الشعب اللبناني من التفكك والتشرذم والإصطفاف.
كيف لأسقفِ روما أن يأتي وأن يرى أن ما وصفه سلفه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني بأنه رسالة، أضحى بلداً مشلعاً تدور بين فئاتِه حربٌ أهلية باردة. وليس أدلّ على ذلك ما نراه على وسائل التواصل الإجتماعي مِن إشتباكٍ كلامي وتبادل الشتائم والسباب حتى لسقطت كل القِيَم الأخلاقية على مذبح المصالح الفئوية والطائفية والمذهبية.
وما هو المثل الذي يعطيه بعض السياسيين للناس وهم إذا تلاقى إثنان منهم على الشاشات يتبادلون التهم التي يندى لها الجبين والناس في وادٍ آخر من المعاناة والعذاب والقهر والفقر والجوع.
نجَحَت زيارةُ البابا إلى العراق وفي هذا البلد ما فيه مِن إختلالات كما عندنا فالمعاناة واحدة، فساد وفشل في الحكم وتدخلات إقليمية ودولية تزيد في الإنقسام وفِرَق مسلَّحة أقوى من الدولة.
لا لإستعمال الدين في السياسة ولا لإستعمال العنف بين الشعب الواحد كما قال البابا، كما دعا إلى المصالحة ونبذ العنف وفتَحَ دروب الحوار لا لبناءِ جدران جديدة لأنه كما أورَدَ في الوثيقة التي أصدَرَها ان السياسة هي في خدمةِ الخير العام الحقيقي والأديان في خدمةِ الأخوَّة في العالم وهي في غنى عمَن يدافع عنها ويرهب الآخرين بإسمها كما دعا المسيحيين إلى البقاء في أرضهم والأهم دعوة الذين غادروا إلى العودة إلى وطنهم وفي إجتماعه مع المجتمع المدني دعاهم إلى المصالحة ورفض الفساد وحفظ سيادة الوطن ووقف التدخلات الخارجية.
إنها دعوة إلى التضامن الروحي وعلى من تلقى هذه الدعوات خصوصاً من المسلمين، سنّة وشيعة، التعبير عن هذا التضامن كما نوَّه المرجع السيد علي السيستاني بضرورة حفظ جميع المكونات وأن يكون للجميع نفس الحقوق والواجبات على قاعدة المواطنة.
الرسائل التي سمعوها من البابا تكاد هي نفسها التي يحتاجها اللبنانيون حتى لا تبقى الأزمة الوجودية هاجساً مقلقاً له ولنا نحن اللبنانيين الحريصين على حفظ وطننا وإستقلالنا وسيادتنا وأن نكون على قدر الأمانة في حفظ وطن الرسالة .
واليوم عشية الذكرى الرابعة والأربعين لإغتيال المعلم كمال جنبلاط نحيي ذكراه وهو الذي سقط دفاعاًعن حرية القرار الوطني اللبناني المستقل. نستذكره بنضاله في الساحات زعيماً وطنياً سعى لتطوير النظام السياسي عبر البرنامج المرحلي للحركة الوطنية مدافعاً عن حقوق الفقراء والمهمشين الذين ليس على صدورهم قميص. رجل الدولة في تولي الحكم والتمثيل النيابي وقامة أخلاقية فهم السياسة إنها فن شريف لخدمة الإنسان مناضلاً في سبيل فلسطين وقضايا العرب ببعدٍ إنساني قيمي عز نظيره كم نستذكره.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها