المصدر: المدن
قطع الطرقات واستهداف اليونيفيل: هل يتعطَّل المطار ويتأخَّر الإصلاح؟
لم يكد لبنان يرسم أولى خطواته باتجاه الهدوء بعد وقف إطلاق النار والالتفات لتنظيم الأوضاع الداخلية والتحضير لاستكمال الإصلاحات، حتّى لاحت مؤشّرات القلق. فتصاعد حدّة الاحتجاجات على طريق مطار بيروت، قد تترك تأثيرات سلبية مباشرة وغير مباشرة، منها اتخاذ شركات طيران عربية وعالمية قرارات بخفض عدد الرحلات إلى بيروت، وصولاً إلى إلغائها في حال تطوّرَت الأوضاع سلباً، لا سيّما وأن الاحتجاجات تقطع الطريق من المطار وإليه، فضلاً عن عرقلة مسار العهد الجديد الذي بدأ بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة.
أمّا استهداف المحتجّين سيارات تابعة لقوات حفظ السلام العاملة في لبنان “يونيفيل”، فيعكس صورة سلبية عن لبنان أمام المجتمع الدولي، ويعزِّز عدم الاستقرار.
حركة المطار طبيعية
ردّاً على رفض السلطات اللبنانية استقبال طائرة إيرانية تقلّ ركّاباً لبنانيين عائدين من زيارة دينية في إيران، بسبب تحذيرات أميركية حول نقل أموال لصالح حزب الله على متن تلك الطائرة، عمدت أعداد كبيرة من المحتجّين إلى قطع طريق المطار بالاتجاهين وعزل المطار عن محيطه. ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات التي تخلّلها إحراق حاويات النفايات وإطارات السيارات، قَطَعَ محتجّون طريقيّ سليم سلام وجسر الرينغ في وسط بيروت، قبل أن يُعاد فتحهما.
على أنَّ الحدث الأبرز المرتبط بالاحتجاجات، هو تأكيد اليونيفيل في بيان، تعرّض موكب تابع لها “كان يقل جنود حفظ سلام إلى مطار بيروت، لهجوم عنيف وإحراق مركبة. وأصيب نائب القائد العام لليونيفيل المنتهية ولايته، والذي كان عائداً إلى منزله بعد انتهاء مهمته”.
ومع أنّ ما حصل ليل أمس، يتناقض مع بوادر الاستقرار التي رافقت انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة وحركة تسليم وتسلُّم الحقائب الوزارية تمهيداً للبدء بالإصلاحات في كل القطاعات، إلاّ أنّه “لم يؤدِّ إلى عرقلة حركة المطار داخلياً ولم يؤثِّر على حركة الطيران التي استمرَّت على طبيعتها”، وفق ما قالته مصادر في المطار خلال حديث لـ”المدن”. استمرار وصول ومغادرة الطائرات “قد لا يكون تناسَبَ فعلياً مع حركة الكثير من المسافرين أو العائدين، فقد تكون الاحتجاجات قد أخَّرَت بعض المسافرين الذين لم يتمكَّنوا من الوصول إلى المطار في الموعد المحدّد، وفي مقابلهم، من غير المستبعّد أن يكون بعض الواصلين إلى بيروت، قد وجدَ صعوبة في تجاوز المحتجّين بعد الخروج من حرم المطار”.
وتمنّت المصادر أن “يتم احتواء الاحتجاجات كي لا تتطوّر وصولاً إلى تهديد حرم المطار، فحينها، ليس من الصعب على شركات الطيران العربية والدولية تعليق رحلاتها إلى لبنان، إذ يتعامل هؤلاء بجدية مع أي تهديد محتمل، خصوصاً وأن لبنان لم يخرج نهائياً من حالة الحرب والتهديدات الإسرائيلية”.
عدم الاستقرار
الأحداث المماثلة تعيق عمل الحكومة وتُربك الاستقرار، وإن لم تتطوَّر إلى أحداث أمنية واسعة، لكن التحركات المماثلة تعبِّر عن رسائل سياسية تُفهَم في الداخل والخارج. وعليه، فإن مستوى الثقة يتراجع بلبنان، ما يؤخِّر تقديم المساعدات، ومنها مساعدات التمويل لإعادة الإعمار، خصوصاً وأنّ هذه التحرّكات ترتبط بقضايا على صلة بحزب الله، لا سيّما مسألة تأمينه التمويل عبر إيران، فضلاً عن موقف الحزب من الحكومة والعهد الجديد. وبالتالي، فإن المساهمة في استعادة الثقة ووضع آليات المساعدة العربية الدولية في إعادة الإعمار، ستتأخَّر كلما أبدى الحزب ممانعته الاندماج في الواقع الجديد.
كما أنّ عدم تثبيت الثقة الدولية بقدرة لبنان على استكمال الإصلاحات والتوصّل إلى اتفاق كامل مع صندوق النقد الدولي، يعني أنّ المستثمرين سيبقون بعيدين عن لبنان. فضلاً عن أنّ احتمالات تجدّد الحرب، أو على الأقل تصعيد التوتّر في الجنوب، يُبقي على الثقة بلبنان مفقودة بفعل عدم تثبيت الاستقرار. وأيضاً، فإن خطوة استهداف موكب لليونيفيل، يعني توتير الأجواء مع المجتمع الدولي عموماً، نظراً لما تمثّله اليونيفيل على المستوى العالمي. ولذلك، فإنّ أي موقف تصعيدي من قِبَل الأمم المتّحدة ردّاً على استهداف الموكب، كفيل بزيادة الضغط على لبنان.
بعد 5 سنوات من الأزمة الاقتصادية المستمرة، وحرب طاحنة زادت العبء الاقتصادي والاجتماعي على البلاد، فإنّ آخر ما يبحث عنه اللبنانيون هو إقفال المطار أو عرقلة حركة شركات الطيران فيه، وكذلك استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني، ما ينعكس على عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. لكن حتّى اللحظة لا تزال الأمور مضبوطة ولا تشكِّل خطراً على المطار أو الاستقرار الداخلي.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها