المصدر: صوت لبنان
عبثاً نحاول خارج هذه القواعد…
يحلو لي الحديث عن اهمية الحوار وتجربته وآفاقه في ظل انسداد قنوات التواصل بين الاطياف اللبنانية خصوصا وان العديد يسألون اين انتم يا اهل الحوار ساكتين صامتين عما يصيبنا من فواجع نستعرضها يومياً على الشاشات وفي الصحف والمجلات وخصوصا على وسائل التواصل.
في المشهد لا احد يتحدث مع احد ومن هم مؤتمنون على ادارة الحكم منعزلين عن كل الفئات لا يتواصلون ولا يتصلون ولا يجتمعون.
كل يرغب في كسر الآخر عله في ذلك يحقق غلبة.
لم يتعلم هؤلاء ان لبنان بلد التسويات بامتياز. فميثاق 1943 قام على قاعدة لا شرق ولا غرب. تكرست في اتفاق الطائف. صحيح ان لبنان عربي الهوية والانتماء إلا انه أيضاً ينتسب إلى شرعة حقوق الانسان وان لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك.
ماذا تعني هذه القاعدة إن لم تكن السعي وراء التسويات.
في استعراض فصيح لتشريح الوضع اللبناني بملابساته واشكالياته وعمق ازماته حدد احد كبار مثقفينا المقيم في باريس الأستاذ الجامعي جوزيف مايلا ثلاثة اسباب لعدم اليأس من الواقع اللبناني بالرغم من عثراته الكثيرة . عدم اليأس والأمل هو فعل مقاومة بحسب تعبيره لقلب معادلة اليأس التي تجتاح اللبنانيين ولكن هذا الأمل يقتضي لتثبيته تحويله إلى افعال تقوم على ثلاثة ركائز.
الأولى هي في التمسك بالصيغ الديمقراطية بما يعني تنظيم الانتخابات النيابية في موعدها دون تأخير لإعادة انتاج سلطة تكتسب شرعية في اعادة تشكيل المؤسسات من الأعلى إلى الاسفل.
والثانية: اقرار قانون السلطة القضائية المستقلة الذي لا يزال عالقا منذ سنوات في المجلس النيابي والعمل على تفعيله فور اقراره لا ان يصار إلى تعطيله اسوة بالعشرات من القوانين المعطل تنفيذها عمدا.
والثالثة: مكافحة الفساد بتشريعات وتطبيق الموجود منها واعطائها آليات التنفيذ للوصول إلى نتيجة عملية وفعالة.
يبقى ان الجيش اللبناني الذي لا يزال محافظا على تماسكه هو الأمل في رعاية انتاج هذا الحل لكي يضمن اللبنانيون ان بلدهم آيل إلى الخلاص والانقاذ.
هل يمكن إعادة فتح قنوات الحوار بغية البحث عن تسوية لحكومة انتقالية من المستقلين غير الحزبيين ذوي الخبرة في الحقل العام لبلوغ هذا الهدف على قاعدة تسوية تاريخية جديدة تعيد الأمل إلى اللبنانيين برؤية بلدهم على طريق الإنقاذ.
هذا هو السؤال.
عبثاً نحاول خارج هذه القواعد.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها