المصدر: صوت لبنان
بربكم روقوا!
قامت الدنيا ولم تقعد ضد مواقف البطريرك الراعي الأخيرة. فالمعترضون ألقوا على غبطته شتى النعوت التي تراوحت بين التناول بالشخصي وصولاً إلى التخوين ولكنهم جانبوا النيل من طائفته.
وهكذا فعلوا في تعليقهم على حادثة شويا. ولكن هذه المرة وجهوا سهامهم إلى طائفة عريقة كان لها الفضل في تأسيس لبنان وحماية عروبته والدفاع عن قضايا العرب لا سيما قضية فلسطين.
لا يعرف هؤلاء التاريخ لأنهم لو عرفوه لما أقدموا على فعلتهم. كما لَم يدركوا الأثر السيء الذي يصيب نسيج البلد حتى لكأنهم بعملهم هذا قد غادروا نهائياً وحدة الدولة ولم يعد يهمهم الشريك الآخر ولا الرأي الآخر.
المسؤولية لا تقع على البعض الذين تعودوا الشتيمة والسباب في مخاطبة من لا يشاركهم الرأي. المسؤوليةُ تقع بالتأكيد على العقلاء الذين يسكتون عن غيِّ البعض ولا يأبهون إلى الإنعكاسات التي تنتجها مثل هذه التهجمات التي إستدرجت ردة الفعل التي شككت في قدرةِ الصيغة اللبنانية على الإستمرار ذلك أن فئات من اللبنانيين لم تعد تخفي التعبير عن رفضها للواقع الذي يحاول البعض رسمه وفرضه فضاق هامش السماح لديهم إلى أقصى الحدود.
هل هذا فعلاً هو المطلوب في أعتى أزمة يعيشها لبنان؟ وما هو مصير الميثاق والوفاق والعيش الواحد والسيادة ولبنان الرسالة؟
لو تمعنوا بدعوات البطريرك المتتالية لفهموا أنها تهدف إلى إستدعاء الحوار الوطني بين اللبنانيين حول الدولة ومفهومها وهوية الوطن. ومنطق الحوار يقول أن على اللبنانيين سماع هواجس بعضهم البعض.
معاناة لبنان أن طمس الهواجس بالتخويف يرسي قواعد التجزئة والتقسيم. لبنان مؤلف من مواطنين وطوائف. من هو بين المواطنين من يعش بكرامة اليوم؟ وأي من الطوائف تعيش بطمأنينة؟
تتعالى المطالبات بالتغيير بعدما لامس البلد الإنهيار الشامل دولةً ومجتمعاً وعِوَض توحيد اللبنانيين على قاعدة حفظ كرامتهم بمعيشتهم يتلهون بالإنقسامات الطائفية البغيضة حتى لَباتَ مِن المؤكد أن ما يصيبنا هو مِن فعلِ أيدينا نستحقه.
لبنان لا يُحكَم بالغلبة بل بالحوار والتسويات وأول قاعدة في هذا الحوار هو الإحترام المتبادل. وهل هو أوان إثارة النعرات بدل الإنكباب لمعالجة مشاكلنا اليومية التي لا تفرّق بين مواطن وآخر، وطائفة وأخرى ومنطقة وأخرى.
في هذه الأوقات نحتاج إلى الكثيرٍ الكثير من الحكمة والقليل القليل من الإنفعال. بربكم روقوا.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها