المصدر: صوت لبنان
الى متى هذه المأساة؟
ينطبق الوضع في لبنان على المثل الذي كان يردده غبطة البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير رحمه الله بأنه مثل العربة التي تجرّها الأحصنة كل في إتجاه مختلف عن الآخر.
وإلا ما هو سر هذا الإستعصاء في حلّ أقل المشاكل أهمية. ولبنان لا يواجه اليوم هذا الصنف من المشكلات فقط بل يواجه تحديداً مشاكل كانت قليلة الأهمية فتراكمت حتى باتَ حلّها عصياً.
لا حكومة منذ أشهر طويلة والبلد متروك بلا إدارة للأزمة وقد بلغت مستويات الإنهيار حداً يهدد السلم الأهلي والدخول في الفوضى على النحو الذي رأينا طلائعه بعدة أحداث منها إقتحام البيوت والتعرض للمؤسسات العامة والخاصة وتهريب المواد المدعومة والمواجهات المسلحة والعراك في محطات المحروقات وغيرها، هذا فضلاً عن الحروب الدائرة في وسائل التواصل الإجتماعي.
لا رفع للدعم واضحاً وتساؤل حاكم مصرف لبنان مشروع إذ يقول أنه صرف ثمنماية وثمانية وعشرين مليون دولار في شهر واحد لإعتمادات المحروقات وإن هذه المواد غير متوافرة في السوق ولدى المستهلكين. وقد كشف الجيش بمصادرته مكامن التخزين الموزعة بين الأفراد والتجار الذين يبيعونها على أسعار السوق السوداء بما يحقق لهم أرباحاً خيالية هي أرباح الحرام. ولكن السكوت لا يزال مستمراً عن التهريب إلى خارج الحدود.
كيف لِطن المازوت أن يُباع بثلاث أو أربع أضعاف سعره المدعوم هذا إن توفر بِما يعرّض البلد أو هو أوصل البلد للتوقف نهائياً وإلى الإغلاق التام في كل البيوت والقطاعات إنارةً ومستشفيات ومخابز وإتصالات ومياه ومصارف وسواها من الخدمات الأساسية.
مَن هي الجهة التي عليها تقع مسؤولية إدارة البلد لِحَل هذه المشكلات.
فالحكومة المستقيلة هي أصلاً مستقيلة حتى قبل إستقالتها. والحكومة الجديدة لَم تبصر النور. وموظفو القطاع العام غائبين إما بِعذر عدم توفر الكهرباء أو عدم توفر البنزين للنقل أو بسبب مطالبتهم بإنصافهم بعدما سجلت مداخيلهم مستوى متدنياً بحيث لا يستطيعون إستمرار العيش بها إن لَم تصحح.
وها إن حياة اللبناني باتت في الجحيم والأدهى أن لا جهة تتحمل المسؤولية. وهل يجوز أن يبقى البلد بلا إدارة.
إضرابُ المحامين وغياب القضاة عن أعمالهم شلَّ العدالة وكذلك المحقق العدلي لَم يعلن للآن نتيجة تحقيقاته في إنفجار المرفأ.
وفاجعةُ إنفجارِ التليل لَم تُحسَم أسبابها بعد: هل هي إطلاق نار أم قداحة أشعلَت الحريق ومعه الأجسام النضرة التي ذهبت شهيدة قطرة من البنزين.
مشهد سوريالي غير مسبوق في تاريخ الدول والشعوب ولا حتى في أفلام الخيال في هوليوود ولكن ضحاياه من اللبنانيين وليس من الممثلين.
فإلى متى هذه المأساة التي يعيشها لبنان. ومن هو المسؤول عن إخراج البلد منها.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها