play icon pause icon
عباس الحلبي

عباس الحلبي

الأثنين ٦ أيلول ٢٠٢١ - 12:01

المصدر: صوت لبنان

السياسة تبدأ بإعادة الإعتبار للإنسان

السياسة هي فن إدارة الخير العام كتب الإمام موسى الصدر والعبارة نفسها وردت في شرعة العمل السياسي على ضوء تعاليم الكنيسة التي أصدرتها بكركي وفيها رجع الصدى لما كتبه الإمام المغيَّب. إذ لا تصلح بنظر الإمام السياسة في مجتمع متخلِّف يسوده الفقر والعوز والحرمان، بل إن السياسة تبدأ بإعادة الإعتبار للإنسان من حيث هو إنسان بالسعي إلى نمائه وتنمية قدراته وتمكينه.
يبرّر انفاق الصدقة سعياً لنفع الإنسان كل إنسان، وليس الإنسان الشيعي فقط.
من هنا حملت مؤسسات الإمام شعاراً لها “معاً نحو غدٍ أفضل” فكان التعليم الأكاديمي تحت شعار “التعلم للجميع” ومعهد الآفاق للتنمية “لتوسيع آفاق المرأة” والتنمية الإجتماعية لتحقيق “التنمية المستدامة” والبرامج الصحية “الصحة للجميع”.
لبنان برأيه رسالة للإنسان وللحضارة، للحرية وللقيم، وقد نادى بالكرامة الإنسانية وسعى إلى رفض الصنمية، صنم المال والجاه والنزاعات القبلية والأنانيات لأن ليست هناك من كرامات أمام الحق.
رفض الإمام الإقطاع السياسي كما الإقطاع الديني الذي يسيطر على عقول الشباب ويدفعهم إلى التهور وإرتكاب الجرائم بحجة الدين.
لقد خاض معركة الدفاع عن المحرومين ولكن رفع مستواهم لا يتم بحسب رأيه على حساب المرفهين.
عرض الإمام تصوره السياسي للإصلاح ولكنه يرى نفسه وطائفته جزءاً مكوناً من الوطن وليس وحيداً ينفرد بتصوراته وإقتراحاته للإصلاح. كما رفض التغيير بالعنف لأن الوطن الصغير حرام عليه العنف، والبنية اللبنانية معقدة التركيب ما دامت الوسائل الديمقراطية متاحة.
ولبنان الوطن النهائي المنفتح على عروبته يجب ألاّ يكون منغلقاً على الإنسانية جمعاء.
ما أهمية هذه العناوين في يومنا، وكم يجب على الجيل الجديد إلى أي طائفة إنتمى، العودة إلى فكر الإمام وكتاباته ومواقفه ليعرف أنَّ وجدان شريحة كبيرة من اللبنانيين لا يزال ينبض بمثل هذه الأفكار خلافاً للكثير من المقولات السائدة التي تكاد تعرّي لبنان من قيمه ورسالته.
فلبنان بنظره يطمح إلى مستوى الدولة، والمواطنة الحقيقية التي تدعم سياسته وفاعلية وجود الوطن. ديمقراطياً كان، داعية التنوع، محترماً وجهة نظر الآخر، منكراً على الآخرين فرض آرائهم في ظل مجتمع معقَّد كالمجتمع اللبناني.
الإمام موسى الصدر نفتقدك.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها