المصدر: صوت لبنان
التاريخ بالمرصاد…احذروا لعنته
لافت ما يتم التداول به إعلامياً عن أنَّ فرنسا ستقود حملةً دولية لتأمينِ الموارد المالية لإدارةِ الشأن الإنساني والإغاثي في لبنان بالنظر إلى الإنهيارات المتتابعة في جميعِ القطاعات بِما أودى بحياةِ اللبنانيين إلى درجات الفقر والعَوَز وبِما يهدد السلم الإجتماعي ويُنذِر بالفوضى على كافةِ المستويات.
يتقاذف المسؤولون كرة التعطيل بِوَجه قيامِ فريقٍ حكومي يتولّى إدارة الأزمات المتراكمة بِحَيث بات اللبناني يسأل نفسه أينَ هم المسؤولون الحقيقيون المناطة بهم معالجة الأوضاع بِما يوقف حدة الإنهيارات ويحقق الإنقاذ. هل أصبح لبنان رهينة الحسابات الشخصية والطموح الجامح للسلطة بحيث تتعطل قنوات التواصل والحوار مع السعي إلى تحقيق كسر الشريك الآخر دون حساب للإرتدادات التي تخلّفها مثل هذه المعارك على وحدة النسيج الوطني اللبناني. وهل هو الآن وقت الصراع على الصلاحيات والبلد في أتون النار؟
ففي كل محطة تأزم على صعيد أي إستحقاق رئاسي أو حكومي تعود طروحات الفدرلة والتقسيم وفرط وحدة الدولة إلى الواجهة وقد شهدنا في محطات سابقة تصاعد المطالبات التي يسعى منظروها إلى بيان فشل الصيغة اللبنانية القائمة على الشراكة الإسلامية المسيحية بإتجاه نقض ما تمّ الإتفاق عليه في وثيقة الوفاق الوطني بعد سنين من الممارسات الشاذة التي أفشلت تطبيق الدستور وعمدت بوعي كامل إلى تغيير معنى لبنان ورسالته.
بإختصار وبقدر ما يسمح التعليق نقول أنَّ من حق المطالبين بالفدرالية التعبير عن وجهة نظرهم ولكن هل يعتقدون أن الفدرالية تستقيم نظاماً سياسياً وإدارياً في لبنان مع هذ التداخل السكاني والتشابك الجغرافي وفي نمط الحياة.
وهل فعلاً الفدرالية تجيب على نقطتي الخلاف المركزيتين اللتين شكلتا على مر التاريخ محل خلاف بين اللبنانيين لم تستقم معها السياسي والتجريح الشخصي واثارة النعرات الطائفية أَلَيسَ من الأجدى والأوفر على البلد الإتفاق على تطبيق الدستور على قاعدة حسن النية أم أنَّ هذا الدستور سيبقى لعبة بين مرتكبي أوضاعه بالإستقرار إلاّ على قاعدة التوافق عليهما وهما مشاركة الطوائف في تركيبة السلطة وتحديد موقع لبنان في المنطقة لا سيما في الصراع العربي الإسرائيلي وسائر الصراعات.
الطائف جاءَ بِحَلٍ للإشكاليتين ونص على اللامركزية. فماذا عسى الفدرالية أن تقدّم إذ مِن شروطها توافق اللبنانيين على هاتين الإشكاليتين والخلاف الكبير يستفحل هذه الأيام عليهما فضلاً عن المالية العامة.
فعِوَضَ التلهي بطروحات تزيد الشرخ وطالما أنَّ الحوار مقطوع ولا أحد يخاطب أحداً إلاّ عبر الإشتباك الكبائر على مستوى السلطة المشلعة لتشليع البلد إرضاءً لِطموحاتٍ شخصية!
فالتاريخ بالمرصاد واحذروا لعنته.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها