المصدر: صوت لبنان
هل يستحق الدفاع عن مصالح ايران حرق لبنان؟
الجنوب يشتعل، تريد اسرائيل تحويله الى أرض محروقة كغزة؛ بعد ان نفذ نتنياهو جريمة فاقت كل التوقعات، بالعملية المخابراتية السيبرانية، التي شكلت مشهدية غير مسبوقة على الصعيد العالمي. وتسببت بمجزرة طالت الآلاف من عناصر حزب الله او القريبين منه في عدة دقائق، توزعوا بين قتيل وجريح، ومهددين بإعاقات منوعة دائمة.
يجمع المحللون والقانونيون على اعتبارها جريمة حرب وفقا للقوانين الانسانية الدولية؛ لأنها لم تميز بين المقاتلين المدنيين وفي الساحات العامة والمنازل…
لكن تطور الوضع سرعان ما تخطى تلك العملية. خسر حزب الله، معظم قياداته الأمنية بضربة واحدة، تبعها الهجوم الواسع على الجنوب. ما جعل لبنان بأسره مكشوفا، على الصعيدين السياسي والأمني، في ظل غياب اي تحرك دولي لمنع اسرائيل من توسعة الحرب على لبنان.
وكان نصرالله قد طمأننا في خطابه، أن المعركة ستكون طويلة جداً، وقد تمتد لسنوات، ما دام في حزبه من يصبر ويشكر الله على المحن التي تكفل لهم الجنة!!؟ مع انه اعترف نصرالله بتفوق اسرائيل التقني؛ وبخطورة الاختراقات في بيئته الداخلية؛ عندما أعلن ان خططه ستكون ضمن مجموعة ضيقة جداً، ربما هي المجموعة التي استهدفت وقضي على معظمها.
لا ندري كم من الوقت سيستغرق التعويض عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بقدرة الحزب على التواصل. فلقد تحولت جميع أجهزة الاتصال، من هواتف وكمبيوترات وتلفزيونات ومسيرات، الى أسلحة عند اختراقها تقنياً والسيطرة عليها.
يقيس نصرالله حربه مع اسرائيل، على ضوء انتصاراته في معاركه السابقة، في بيئات متخلفة ومع اطراف لا تملك سوى قدرات عسكرية محدودة وتقليدية. لم يفهم ان حربه مع اسرائيل مختلفة. اسرائيل احدى أكثر الدول تطوراً على الصعيد التكنولوجي والاستخباراتي الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي. وهي تصدر برمجيات التجسس على الهواتف الذكية وتقنيات النانو وغيرها. لقد صار من المتعارف عليه، في اوساط ما يعرفون بجماعات السيليكون فالي، ان حروب القرن الحادي والعشرين، ستكون سيبرانية تعتمد على الذكاء الاصطناعي. حتى الجنود سيصبحون في المستقبل روبوتات مقاتلة.
بدأ الحديث عن نوع الحروب القادمة، في ظل التطور التكنولوجي الهائل على الصعيد الرقمي، منذ عدة سنوات، وتم تحذير الجيوش التقليدية، وحتى الاوروبية، انها لن تتمكن من مواجهة أي حرب ما لم تقم بتمكين جيوشها بتقنيات الذكاء الاصطناعي وقدراته.
اسرائيل أول من قام بتطبيق هذا النوع من العمليات على هذا النطاق الواسع، بما تخطى عمليات التفجير او الاغتيالات المتفرقة كالتي قامت بها في ايران او سوريا.
في المقابل اتحفنا قائد الحرس الثوري حسين سلامي، ان اسرائيل نفذت عمليتها من باب الاخفاق والهزائم التي منيت بها!! وان زوال إسرائيل بات قريبًا!!
يبدو ان القائد العظيم يجهل، انه في تاريخ الحروب، كان الجيش المنتصر هو الذي يعتمد على تقنيات جديدة؟ كانتصار محمد الفاتح على القسطنطينية بفضل مدافعه العملاقة؟ او تمكين الغرب الامبريالي من فرض هيمنته على الصين ومعظم العالم القديم، عندما حوّل البارود الى وسيلة قتل حربية، والبارود اختراع صيني، لكنها لم تستخدمه سوى للمفرقعات النارية؟
يكشف هذا الهوة التي تفصل بين من يستخدم التكنولوجيا، ومن يعيش على وهم الايديولوجيا والغيبيات، اعتماداً على استعداد بيئتهم العقائدية، مغسولة الدماغ، للموت من اجلهم.
يظن نصرالله في حربه المفتوحة، على انقسام السياسيين والمجتمع الاسرائيلي، وعلى ضغوط النازحين على نتنياهو. غافلاً عن ان نتنياهو، الذي تحمل كل الضغوط المتعلقة بالرهائن، سيقاوم ويتحمل أيضا ضغوط سكان الشمال لتنفيذ مخططاته.
في المقابل، ايران وحزبها في لبنان، لا يحسبان حساب آلاف الضحايا، كوقود لحروبهم؛ مقابل انجازهم في تهجير سكان شمال اسرائيل. اما مهجري الجنوب الذين فقدوا بيوتهم وارزاقهم فغير مرئيين.
يعايرون العدو برفضه التضحية بجنوده، ويتفاخرون بالتضحية بالآلاف دون ان يرمش لهم جفن. ألم يستخدم الخميني مئات آلاف الشبان ككاسحات الغام في حربه ضد العراق؟ فرعاياهم مجرد ارقام موعودة بالجنة.
والسؤال على ماذا يعتمد نصرالله في حربه المفتوحة؟ على ايران خامنئي التي بدل الثأر لشرفها المثلوم،الذي أكد نصرالله حصوله، تفتي بجواز التراجع التكتيكي؟
تاركة الثأر للشرف والكرامة، لنصرالله.
لسان حال اللبنانيين من جميع البيئات: وبعدين يا سيد؟ لوين؟ متى تراجع سياساتك؟ متى تعترف بخطئك وتعتذر؟ متى تعيد تقييم الوضع السياسي والعسكري؟ متى تخضع للشرعية اللبنانية؟
هل سيقدر تضامن معظم اللبنانيين معه، لتقديرهم خطورة الوضع ورغبتهم باستعادة الوحدة الوطنية؟
متى سيتخذ قرارات وطنية بدوره، تحفظ لبنان وتعيد بناء وحدته، حتى ولو أغضب ايران؟
ومتى تتدارك القوى السياسية، وعلى رأسها المعارضة، خطورة ما يجري وتبادر الى حل وطني شامل؟
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها