فرنسوا ضاهر

الأربعاء ١٣ تشرين الثاني ٢٠٢٤ - 08:16

المصدر: صوت لبنان

كفى تلاعباً بالوجدان المجتمعي

 

لقد أغرق الممانعون الوجدان اللبناني على مدى عقود بمصطلحات وسرديّات ومفاهيم وممارسات أسهمت في ضمور الوعي المجتمعي وأدلجته بتوجه مؤيد لمشروعهم السياسي، كما في تغطيته والقبول بمقتضياته وتحمّل أعبائه.

فكان من نتيجة ذلك أن تمكنوا من إغراق هذا البلد في حرب عبثيّة مجانية سنة ٢٠٠٦، ومن إعادة إغراقه في حرب تدميرية عبثيّة تكراراً منذ ٨ تشرين أول ٢٠٢٣.

وقد تمّ كل ذلك خدمة للمشروع الإقليمي للجمهورية الاسلامية الايرانية في المنطقة العربية إنطلاقاً من أراضي الجمهورية اللبنانية وعلى حساب كل اللبنانيين في أرواحهم وأرزاقهم.

فإذ بهم يستبيحون السيادة الوطنية والإرادة الشعبية ويتجاوزون المؤسسات الدستورية ويتهمون من يعارضهم في ما يفعلون بالعمالة للعدو الاسرائيلي.

كما يتخذون القرار بتدمير البلد على يد ذلك العدو ويتهمون خصومهم بالعمالة له إن إحتجوا على تسبّبهم بتدميره وينسبون اليهم الافادة من هذا التدمير.

يعلنون الاعمال الحربية ضد العدو ويسوّقوا إعلانهم هذا بالعمل المقاوم.

يستدرجون العدو لإعادة إحتلال الجنوب اللبناني ويصنفون أنفسهم مقاومين لتحريره، ويخوّنون الذين يقارعوهم بالواقع والحقيقة.

لا يروا في إرتباطهم وتبعيّتهم للجمهورية الاسلامية الايرانية عملاً خارقاً للسيادة الوطنية ويضعوا معارضي توجههم في خانة العملاء لذلك العدو.

يستسهلون لنفسهم تسخير بلدهم وشعبه
لدولة أجنبية ويحمّلون خصومهم عبء الخيانة لوقوفهم ضد خياراتهم.

إنها الأحجية التي يجب وضع حدّ لها. بحيث لم
يعد من الجائز تغطيتها ولا تعويمها بإعادة تكوين المؤسسات الدستورية في البلد، بل التفاهم أولاً بأول على الوطن وهويته والصيغة المستقبلية للعيش المشترك فيه قبل الانتقال الى مرحلة
ملء الفراغات في مؤسساته تلك.

إنها اللحظة المؤاتية التي باتت تتطلب مصارحة وقرارات تاريخية لأن المصطلحات والسرديات والأعراف والممارسات التي عمُّمت على اللبنانيين وأُدخلت في ثقافتهم الوطنية وترسخّت في وجدانهم العام لم تعد مقبولة للاستمرار فيها وعليها وبات يقتضي إسقاطها لإعمال الحقائق والوعي اللذان ينقضانها، وذلك حتى ينخرط الجميع في عملية إعادة بناء هذا الوطن.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها