فرنسوا ضاهر

الأثنين ٢٤ شباط ٢٠٢٥ - 10:05

المصدر: صوت لبنان

في مضامين إتفاق ٢٠٢٤/١١/٢٧

إن إتفاق ٢٠٢٤/١١/٢٧ يهدف الى إرساء حلّ دائم بين لبنان وإسرائيل والى توفير إستقرار وأمن مستدامين في ما بينهما، حسب ما ورد في مقدّمته،

“…إن لبنان وإسرائيل يسعيان الى إنهاء مستدام للتصعيد الحالي للأعمال العدائية عبر الخط الأزرق، وهما مستعدان لاتخاذ خطوات لتعزيز الظروف المؤدية الى حل دائم وشامل”.

“تعكس هذه التفاهمات الخطوات التي يلتزم بها كل من إسرائيل ولبنان من أجل التنفيذ الكامل لقرار مجلس الامن الدولي رقم ١٧٠١. مع الإقرار بأن القرار ١٧٠١ يدعو أيضاً الى التنفيذ الكامل للقرارات السابقة لمجلس الأمن، بما في ذلك نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان، بحيث تكون القوات الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في لبنان هي القوات المسلحة اللبنانية…”

وإنه لتحقيق هذا الهدف : “…ستمنع حكومة لبنان حزب الله وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية من القيام بأي عمليات ضد إسرائيل…(بند٢).

كما “تعترف إسرائيل ولبنان بأهمية القرار ١٧٠١ لتحقيق السلام والأمن الدائمين، وتتعهدان بإتخاذ خطوات نحو تنفيذه الكامل دون إنتهاك…(بند ٣).

“وستقوم حكومة لبنان بضبط ومراقبة أي عمليات بيع او تزويد بالأسلحة والمواد ذات الصلة الى لبنان…وسيتم ضبط ومراقبة جميع عمليات إنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة داخل لبنان من قبل الحكومة اللبنانية” (بند ٦).

“ستمنح حكومة لبنان جميع الصلاحيات اللازمة، بما في ذلك حرية الحركة، للقوات العسكرية والأمنية الرسمية اللبنانية وستوجهها للقيام بما يلي :
أ- مراقبة ومنع أي دخول…للأسلحة والمواد…الى لبنان،
ب- بدءاً من منطقة جنوب الليطاني، تفكيك جميع المنشآت…التي تنتج الأسلحة… ومنع إنشاء مثل هذه المنشآت في المستقبل،
ج- بدءاً من منطقة جنوب الليطاني، تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة غير المرخصة…(بند ٧).

“وعند بدء وقف الأعمال العدائية (٢٠٢٤/١١/٢٧) …سينشر لبنان قواته العسكرية والأمنية الرسمية على جميع الحدود، وكذلك في جميع المعابر الحدودية البرية والجوية والبحرية…(بند ١١).

كما، “وعند بدء وقف الأعمال العدائية…ستنسحب إسرائيل بقواتها بشكل تدريجي الى جنوب الخط الأزرق. وفي الوقت نفسه، ستنتشر القوات المسلحة اللبنانية في منطقة جنوب الليطاني…وستبدأ في تنفيذ التزاماتها بموجب هذه الاتفاقية، بما في ذلك تفكيك المواقع والبنى التحتية…ومصادرة الأسلحة والمواد ذات الصلة…وستقوم “الآلية الثلاثية” (بند ٩) بتنسيق التنفيذ بين قوات الدفاع الاسرائيلية والقوات المسلحة اللبنانية…لتأمين الانسحاب التدريجي والانتشار في هذه المنطقة، على أن لا تتجاوز فترة التنفيذ ٦٠ يوماً (بند ١٢).

بحيث يكون الإتفاق المشار اليه، بالاستناد الى بنوده أعلاه، قد أسقط كلّ عمل مقاوم من قبل حزب الله، في ما إذا تمّ الالتزام بتنفيذ مندرجاته.

كما يكون قد أسقط كلّ ” استراتيجية دفاعية ” لأنها تكون أصبحت دون موضوع بفعل توقف الأعمال العدائية بين البلدين الى لا عودة وفق أحكامه.

كما يكون الإتفاق ذاته، وتبعاً “لكتاب الضمانات” الذي أُرفق به والذي وقّعته الولايات المتحدة الاميركية لإسرائيل، قد وضع لبنان تحت “الوصاية الأميركية” التي يعود لها أن ترخّص لدولة إسرائيل القيام بأية أعمال حربية على لبنان، بمعرض ما يتهدّدها من مخاطر أمنية تكون متأتية من أراضيه. وهو يطلق يد اسرائيل الإستخبارية فوق الأراضي اللبنانية وعلى حدودها البريّة والبحرية لكي تترقب وتتصدى للمخاطر التي يمكن أن تأتيها من أراضيه.

وهو يرمي، في المحصّلة، الى وقف الأعمال الحربية بصورة نهائية بين لبنان واسرائيل والى عودة البلدين الى إتفاق الهدنة لسنة ١٩٤٩. على إعتبار أن حزب الله هو مدعو الى نزع سلاحه من كافة الأراضي اللبنانية وتسليمه الى القوى الشرعية اللبنانية. حتى تكون هذه الأخيرة هي القوى المسلحة الوحيدة التي يمكنها أن تتواجد على أراضيه.

فهذه الوضعية، في حال تحقّقها، تُخرج حزب الله من تبعيّته للجمهورية الاسلامية الإيرانية وتفكّ إرتباطه العقائدي بها وتعيده الى كنف الدولة اللبنانية ومؤسساتها. بحيث لم يعد فصيلاً مقاتلاً بأمرة الخارج، ولا ذراعاً من أذرع المشروع الممانع في المنطقة العربية الذي تقوده الجمهورية الاسلامية الإيرانية.

أما في حال خروج حزب الله على بنود ذلك الإتفاق، ورفضه الإنصياع لبنوده كافةً، وبخاصةٍ لجهة تسليم سلاحه المنتشر في كلّ الأراضي اللبنانية الى الدولة اللبنانية، فهذا سيكون مؤدّاه تفلّتاً لدولة إسرائيل على الأراضي اللبنانية ومزيداً من الخرق لسيادتها بغطاءٍ أميركي لا محدود.

على إعتبار أن إسقاط بنوده بعدم تنفيذها سيُعيد البلدين لبنان وإسرائيل الى حال الأعمال الحربية المفتوحة في ما بينهما مع إنعكاساتها على الداخل اللبناني من تصدّع لبنية لبنان الإجتماعية والسياسية الى حدّ إنفراط عقد نظامه السياسي المركزي الموحِّد بين أبناء الأمة.

من هنا، يكون تعامل حزب الله مع هذا الإتفاق مفصلياً. ويكون دور السلطات الدستورية اللبنانية حمل الحزب على الإلتزام بمضامينه لا على تغطية تفاسيره له وإنحرافه عنه وتذاكيه على بنوده.

وكل كلام من حزب الله، ورد بمعرض تشييع أمينه العام السيّد حسن نصرالله في ٢٠٢٥/٢/٢٣، لا يسلّم بموجبه سلاحه للدولة اللبنانية، جنوب نهر الليطاني وشماله، يكون من باب ذرّ الرماد في العيون والتقيّة والباطنية المضمرة، التي تخوّله إعادة إستخدامه، إن في الداخل اللبناني وإن بوجه إسرائيل، عند أول أمر عمليات يأتيه من الجمهورية الاسلامية الإيرانية.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها