المصدر: صوت لبنان
في إستراتيجية ما بعد الحرب
بعد الحرب العبثيّة التي تفرّد حزب الله بخوضها
على حساب شعبه وطائفته، وعلى حساب شعب لبنان بأسره ومؤسساته وخدماته وماليته واقتصاده، لمصلحة الجمهورية الاسلامية الايرانية ومشروعها في المنطقة العربية وعقيدتها الشرعية الاستراتيجية الرامية الى توسيع نفوذها ومعاداتها للكيان الصهيوني ومناصرتها لفصيل في المقاومة الفلسطينية،
لا يصحّ ولا يجوز للطبقة الحاكمة في لبنان أن تذهب للتوّ الى إعادة تكوين المؤسسات الدستورية في البلد، بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف حكومة جديدة، بل الى عقد مؤتمر وطني تطرح فيه كل إشكالية الحرب التي أُقحم فيها لبنان، كذلك إشكالية الكيان برمته من صيغة العيش المشترك الى الميثاق الوطني الى النظام السياسي السائد وتعديلاته الحاصلة بالممارسات غير الدستورية.
وذلك حتى يُعاد تكوين تلك المؤسسات في ضوء نتائجه وما يكون قد خلص اليه بأي إتجاه كان.
قياساً على ما حصل بعد الحرب الأهلية في لبنان، حيث انعقد مؤتمر الطائف برعاية دولية وتمخّض عنه وثيقة الوفاق الوطني اللبناني التي أنتجت إنتخاب رئيس جديد للبلاد ضامن لبنودها، كذلك إعادة تكوين للمؤسسات الدستورية وفق التعديلات التي أجريت على دستور ١٩٢٦.
اما أن تبادر المنظومة الحاكمة الى السير بانتخاب رئيس للبلاد دون سبق التوقف عند تقييم الحرب التي خاضها حزب الله، فإنما يُفهم من ذلك أن تلك المنظومة هي موافقة في الباطن على ما قام به الحزب او هي تخشى مواجهته ومصارحته، فتطلق يده من جديد في تسيير الحياة العامة في البلاد وتعطيه كل المساحة للالتفاف على ترتيبات وقف إطلاق النار التي أبرمها في ٢٦ تشرين الثاني من السنة الجارية كآلية تنفيذية للقرار ١٧٠١.
علماً أن المنظومة الحاكمة قد إمتصت في السابق ذيول وآثار حرب تموز ٢٠٠٦، العبثيّة دوماً، وجارت الحزب في إعتبارها انتصارا إلهيّاً حتى صرفت النظر عن مكاشفته ومصارحته، ما مكّنه من المثابرة في مشروعه الإقليمي والتحضير له بترسانة عسكرية هائلة حتى أوصلنا الى الحرب الحالية.
بحيث إن السلوكية المعتمدة حالياً من قبل المنظومة الحاكمة لن تؤدي الى انتشال البلد من أزماته، بل ستذهب به الى مزيد من التقهقر والتصدّع واليأس والتقلّص للمساعدات الخارجية له والانحسار للتوظيفات المالية فيه والتحفيز لهجرة أبنائه.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها