المصدر: صوت لبنان
عن احداث المطار والطائرة الايرانية ووضعية حزب الله
بالرغم من التطورات الإيجابية الأخيرة على طريق استعادة الدولة، لا يزال لبنان في مرحلة انتقالية. إسرائيل لم تنسحب تماماً وتستمر في اعتداءاتها على لبنان. أنصار حزب الله يصمتون عما يفعله العدو جنوباً، لكنهم يقطعون طريق المطار ويهاجمون الجيش ويعتدون على قوات اليونيفيل، اعتراضاً على منع طائرة ايرانية من الهبوط في المطار.
علّق مواطن جنوبي: هل يمكن ان تقولوا لنا على ماذا وقّعتم بالضبط؟ نحن مستعدون للنزول معكم والاعتراض وحرق الدواليب، لكن اعلمونا ماذا يوجد في الاتفاق؟ فربما وقعتم على منع اي طائرة ايرانية ان تحط في المطار؟ كونوا منطقيين، واعترضوا في المؤسسات. انا كيف بدي احرق دواليب وشايفكم ماشيين مع رئيس الحكومة وعمتضحكوا وماشيين بالقرارات سوا؟ وترفعون شعار “شيعة شيعة” في ظل حاويات الزبالة؟
تتزايد الاعتراضات في البيئة القريبة من الحزب على سلوك مناصري الحزب الغوغائية.
المسافة كبيرة بين التسليم بأفعال اسرائيل جنوباً، وبين خطاب الشيخ نعيم قاسم المرتبك والقابل بمخاطرة مجيء الطائرة الايرانية بذريعة:”ولنرَ ما الذي ستفعله اسرائيل”. وكأنه يجهل أفعالها المستمرة؟ ورافعاً شعار المقاومة.
يؤشر كل ذلك الى بداية تصدّع لدى جمهور الحزب؟ والى صوابية التقارير عن جو الارتباك السائد، تظهره التصريحات المتضاربة تجاه تلك الاحتجاجات! والى ازدواجية في الموقف من الحكومة والعدو الاسرائيلي؟
بالإضافة الى تنصل حركة امل من هذه التصرفات.
بناءً على هذه المعطيات، يبدو أن “حزب الله” يمر بمرحلة من الارتباك، تؤثر على قدرته على اتخاذ قرارات موحدة وحاسمة في المستقبل القريب. فلقد ساهم مقتل عدد كبير من قيادات الصف الأول والثاني والثالث في الحرب الأخيرة مع إسرائيل في زيادة الاضطراب، ما قد يهدد وحدة الحزب واستقراره الداخلي، ما لم يسارع الى بلورة رؤيا تتبنى مشروع الدولة بوضوح.
أما عن وجود حركة اعتراضية داخل البيئة الشيعية السياسية وتزعزع هيمنة حزب الله، فهناك بالفعل بعض الأصوات التي تعبر عن اعتراضات، لكنها ما زالت في مراحل مختلفة من التطور من حيث التنظيم والنفوذ. ويمكن تلخيصها كالتالي:
ـ معارضة على مستوى الأفراد: هناك بعض الشخصيات الشيعية التي انتقدت الأداء السياسي لحزب الله وحركة أمل في مجالات الفساد والإدارة. هذه الأصوات تظهر بشكل متقطع، وتوسعت وتكثفت مؤخراً، في الإعلام أو عبر منصات التواصل الاجتماعي. لكن تأثيرها يظل محدودًا نسبياً حتى الآن.
ـ معارضة من داخل الحزب: هناك أصوات انتقادية تظهر من داخل هياكل حزب الله، لكنها تبقى ضمن حدود معينة ولم تظهر بعد بوضوح كحركة، نظراً للضغوط القوية التي تمارس على هؤلاء الأفراد. قد تكون هذه الانتقادات أكثر وضوحًا في الأوقات التي تمر فيها المنطقة بأزمات سياسية أو اقتصادية.
ـ الوسائط الاجتماعية والفضاءات العامة: في السنوات الأخيرة، زادت شكاوى بعض الشباب الشيعي عبر منصات مثل فيسبوك وتويتر وبوداست. هؤلاء الشباب ينتقدون السلطة، ويطرحون تساؤلات عن مشاركة ودور حزب الله في المسائل السياسية والاقتصادية والفساد.
مع ذلك يبدو أن نسبة الاعتراض داخل البيئة الشيعية لم تتكثف بعد لتشكل تيار ضغط شعبي، وهي متفاوتة حسب الموضوع والظرف الزمني، ولكنها تظل في إطار محدود لعدم وضوح مستقبل بيئة الحزب أمام الدمار ولا على مدى قدرته على إعادة الاعمار من عدمها.
مع ذلك هناك مؤشرات لتغيير غير مسبوق في البيئة الشيعية نتيجة الحرب الأخيرة وتورط “حزب الله” في ما سُمي بـ”حرب الإسناد”. فتصاعدت موجة من الاعتراضات داخل المجتمع الشيعي، تتمثل في:
ـ تقديم دعاوى قضائية ضد “حزب الله”:من بعض أبناء الطائفة الشيعية في الجنوب، متهمين إياه بتخزين الأسلحة والذخائر تحت المباني السكنية وبين المدنيين، مما عرض حياتهم وممتلكاتهم للخطر.
ـ تأثير تدمير المؤسسات الخدماتية التابعة للحزب، مثل “جمعية القرض الحسن”، مما زاد من معاناة الناس وأثر سلبًا على البيئة الحاضنة.
ـ نتائج موجة النزوح الداخلي بسبب الحرب، لأكثر من مليون شخص من المناطق الجنوبية والضاحية، تتراوح بين الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية الكبيرة على المجتمع الشيعي.
لكن قبل ذلك، كانت السنوات الأخيرة قد شهدت تزايدًا في الانتقادات الموجهة لـ”حزب الله” من داخل الطائفة الشيعية، خاصة عند تورطه في الحرب السورية وفي النزاعات الإقليمية، وحذرته من انعكاسها السلبي على الوضع الداخلي في لبنان ومستقبله.
اتت هذه الانتقادات من مثقفين وناشطين يسعون إلى إعادة التركيز على القضايا الوطنية اللبنانية بعيدًا عن الأجندات الخارجية. ولقد بدأوا بتنظيم أنفسهم في حركات سياسية مختلطة ومنوعة.
لكن السؤال الفعلي يوجّه للغاضبين، هل سألوا انفسهم عمن وعن ماذا يدافعون؟ يتظاهرون لأن طائرة لم تهبط؟ لماذا لم يخرجوا غضبًا أما بيوتهم المهدمة؟ وعندما جاع الناس وتشردوا بسبب حرب غير ضرورية؟ عندما هاجر أصدقاؤهم واقاربهم بحثاً عن لقمة العيش؟ عندما انهارت العملة وضاعت أموالهم؟ لماذا يُطلب منهم الاعتراض فقط فييما يتعلق بمصلحة ايران؟ ويتم اسكاتهم فيما يتعلق بمصيرهم ومصير بلدهم؟
وهنا لا بد من التذكير بالمعلومات المخابراتية التي تشير الى وجود خلايا تخريبية تابعة لإيران تريد زرع الفوضى.
ولدينا ملء الثقة بأجهزة الأمن اللبنانية وقدرتها على القيام بما يتوجب عليها.
تعليق أخبر على الاستنتاج المتسرع أن الحضور الكثيف في جنازة تشييع السيد نصرالله تعني التفاف الشيعة حول الحزب. الحشود تريد توديع السيد، ولننتظر لنر إذا كانت تبايع حقا الحزب وسياساته وتبعيته الايرانية.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها