المصدر: صوت لبنان
ذكرى اغتيال لقمان “الحكيم” الرابعة: هل سنجرؤ على العدالة؟
قبل شهرين ونيف على حلول ذكرى اغتيال لقمان سليم، تم التوقيع على وقف اطلاق النار بين فريق الثنائي الشيعي، ثم رئيس الحكومة، مع اسرائيل.
قالوا انهم انتصروا. غاب لقمان ولم يعد باستطاعته التعليق على وهم انتصارات أسوأ من الهزائم.
لم يعش “تاجر الاوهام” (بحسب شبيب الامين في قصيدة رثائه)؛ ليعاين بدايات انتهاء سيطرة إيران على القرار اللبناني.
لقد غيرت “الأوهام” ساحتها، وانكشف ميدانها الأصلي. وتبين ان قتلته وحدهم تجار الاوهام.
وبيع الأوهام مهنة مستدامة، تجعل من دم 25 شهيداً، دُفعوا لاستباق تعليمات الجيش بدخول قراهم، التي تسببت حربه ما غيرها، الى اعادة احتلالها، ليزعم تحريرها.
وهذا فقط لإحراج الجيش والدولة، ولكي يسارع النائب حسن فضل الله، لفرض معادلة جيش، شعب، مقاومة، بزعم: الشعب فتح الطريق للجيش. وكان الجيش قد واكب قبل اسبوع، عودة الأهالي الى القرى المتفق عليها بحسب خطة الانسحاب. دون ضجة او ضحايا، بل بالتزام اتفاق وقف اطلاق النار.
فأوكيسجين فائض القوة وفكرة استمرار المقاومة، تحتاج المزيد من الأوهام. مع أنها عجزت عن حماية حتى نفسها.
وكأن نصيب اللبنانيين من الدنيا، إغراقهم الى الأبد في بحور الدموع والرصاص. كنتيجة للتواطؤ المستمر للطبقة السياسية الحاكمة ومبايعتها، سوريا، ثم الحزب: “الأمر لك”.
فاغتيال لقمان هو آخر مسلسل الجرائم، التي صمتوا عنها لعقود طويلة، ومنذ السبعينيات. فالإفلات من العقاب هو القانون في لبنان، حتى إشعار آخر. لم يحركهم حتى تفجير المرفأ ومئات الضحايا، وتهديم بيوت بيروت. فتواطؤوا وتكاتفوا وسكتوا عن منع التحقيق وتهديد المحققين.
فهل سنعيش تحقيق العدالة في العهد الجديد؟ هل سنجرؤ على استعادة الدولة ممن يمعن في تهديد سلمها الأهلي؟
قبل اغتياله بيومين، علّق لقمان على احراق مبنى البلدية والمحكمة الشرعية في طرابلس، على لسان “صديقته الشريرة”: “لازم افهم انو اختصاص الجيش صار تحرير ساحة النور؟”
لم يعش ليعاين احتمال تغيّر الأزمنة. وكيف صار اختصاص الجيش الحصري، الحفاظ على أرض الدولة اللبنانية وسلامة شعبها. بالرغم من جميع محاولات تخطيه وإحراجه بواسطة استغلال الجنوبيين (والنساء خصوصاً) ودفعهم لمواجهة العدو بصدورهم. وهذ ما يسعف العدو، فيعطيه الذريعة لعدم تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، والبقاء في القرى التي عادت محتلة بفضلهم.
لكن واقعة الجنوب نهارأ لم تكفهم، فأتبعوها بعرّاضة رعاع الموتوسيكلات ليلاً! أراد الحزب تحسين شروط وجوده في الحكومه على حساب السلم الأهلي.
هذه التصرفات تجسيد لما قصده لقمان بشعاره على الفايسبوك “عَبَث وتولًى”. العبث المستمر بأمن لبنان واستقراره. استند شعاره الى الآية الكريمة: “عبسَ وتولّى”، أي قبض وجهه تكرّهاً بحسب الطبري. وهي تحيلنا لوجوهم العابسة المكفهرّة وكآبتهم. لكن والأهم، وليشير ايضاً الى “عبثهم”، الذي يدوم ويدوم، بدم وأمن اللبنانيين، وبحرياتهم وكراماتهم.
فماذا يريدون بعد الكوارث التي جلبوها لأنفسهم وللبنان، فأصابت البيئة تدميراً وتهجيراً وإذلالاً، وأفقدتهم عامودهم الفقري السيد نصر الله!؟
ربما بسبب كل ذلك، يكابرون، فيؤكد الشيخ نعيم:”للمقاومة الحق بأن تتصرف بما تراه مناسباً حول شكل المواجهة وطبيعتها وتوقيتها»!!
مع أنه حاول الاعتراف بالهزيمة: “بسبب الإمكانات التي راكمناها ظن الكثيرون أننا سنهزم إسرائيل بالضربة القاضية في أي مواجهة مع هذا الكيان، ولم يتوقع جمهورنا ” أن نخسر هذا العدد… في هذا الوقت السريع». معترفاً ب«الانكشاف المعلوماتي وسيطرة العدو على الاتصالات والذكاء الاصطناعي وسلاح الجو..”. والاستنتاج؟ «سجّلوا لديكم. هذا نصر». ..فمن انسدّت امامه الأبواب هو:” العدو الإسرائيلي فلم يتمكن من التقدم على الجبهة أو إحداث فتنة في الداخل اللبناني” وهو من توسل وقف اطلاق النار!!.
ما عجز عنه نتنياهو بإثارة فتنة، تجنبها اللبنانيون بوعيهم واحتضانهم لشيعته، نفذتها دراجات شبيحتهم، لتغزوا في نفس اليوم الذي تسبب بمقتل واصابة العشرات، بيروت وأحيائها. الأحياء التي استقبلتهم وحضنتهم ولملمة جراحاتهم، من كوارث سياساتهم البرو- إيرانية.
لكن نعيم لا ينتبه انه يستمر بحفر الانقسامات، فيشير الى أن «السياديين لم نسمع صوتهم خلال الستين يوماً رغم كل الخروقات الإسرائيلية، ولم يطالبوا أميركا ولم يرفعوا الصوت»!!
متجاهلاً تكرار مهاجمة أتباعه للصحافيين وضربهم وتكسير كاميراتهم. حفاظاً على التعتيم الاعلامي.
ربما لا يعبر الخطاب المزدوج لنعيم قاسم، إلا عن فقدان الحزب لبوصلته، وتفرّق أجنداته، ورفض البعض الاعتراف بتوقيعه على هزيمته.
على أمل ان ينجح العهد باستعادة الدولة وهيبتها وقضائها وكافة مؤسساتها.
وسيكون كشف قتلة لقمان سليم، ومسبيي انفجار المرفأ، أحد معايير قيام دولة ذات قضاء مستقل.
سنفتقد دوماً لقمان و”صديقته الشريرة”، كما ستفتقده حانات الأرض عندما تتحقق العدالة.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها