فرنسوا ضاهر

الثلاثاء ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٤ - 10:49

المصدر: صوت لبنان

في الآلية الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية

 

عملاً بحكم المواد ٤٩ و٧٣ و٧٤ من الدستور،
وقد أتمّينا وضع ونشر عدة دراسات ومقالات حول الآلية الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، أمكننا إستخلاص التالي :

١- لنواب الأمة، دونما أي دعوة من رئيس مجلس النواب ومنذ بدء العشرة أيام الأخيرة التي تسبق أجل إنتهاء ولاية الرئيس الأسبق للجمهورية ولطيلة فترة خلو سدّة الرئاسة بعد ذلك، أن يتداعوا في أي حين وأي مكان يرتأونه لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

٢- إن النصاب القانوني لانعقاد جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية هي الأكثرية المطلقة من أعضاء المجلس النيابي (٣٤ دستور).

٣- يُنتخب المرشح للرئاسة رئيساً في حال نيله أكثرية الثلثين من أعضاء المجلس النيابي في دورة الاقتراع الأولى. والاّ في حال نيله الأكثرية المطلقة من اعضاء المجلس النيابي في دورات الاقتراع التالية للأولى.

٤- لا بدّ أن يبقى النصاب القانوني متوافراً، أي الأكثرية المطلقة من أعضاء المجلس النيابي، لطيلة مدة إنعقاد جلسة الانتخاب الرئاسية، كما في حال الإبقاء على جلسة الانتخاب الرئاسية مفتوحة.

٥- بالمقابل (a contrario)، تُعتبر جلسة الانتخاب غير منعقدة أصولاً، كما لا يمكن تعطيل إنعقادها او فضّ الجلسة المنعقدة، الاّ حينما يكون عدد أعضاء النواب الحاضرين عند إفتتاح جلسة الانتخاب او ينخفض عدد النواب الحاضرين أثناء إنعقادها الى ما دون العدد المكوّن لاكثريتهم المطلقة محتسبةً وفق القانون الذي ينظّم إنتخابهم.

٦- إن المرشّح الذي يتمّ انتخابه رئيساً بالأكثرية الموصوفة او بالأكثرية المطلقة على النحو المتقدم، يكون متمتّعاً، بحكم الدستور، بالميثاقية الوطنية. وذلك دونما أي إعتبار لطائفة أعضاء المجلس النيابي الذين إنتخبوه او عارضوا إنتخابه او حتى قاطعوا عملية إنتخابه.

٧- إن العملية الدستورية التي تتمّ وفق الآلية المتقدمة :

٧/أ- من شأنها أن تنتج رئيساً يحمل مشروعاً وطنيّاً واضحاً ومتماسكاً وليس مشاريع متعارضة او متناحرة. كما يحصل، في حال التسوية الرئاسية او التوافق المسبق او التقاطع او الائتلاف بين الكتل النيابية التي غالباً ما تحمل سلّةً من المشاريع المتناقضة او حتى المتصادمة.

٧/ب- كما من شأنها أيضاً أن تشكّل تطبيقاً سليماً للنظام الديمقراطي. بحيث إن الأكثرية التي أتمّت إنتخاب رئيس جديد للجمهورية ستَستكمل من خلاله تكوين السلطة الاجرائية، بتأليف حكومة، تكون متكاملة ومتجانسة معه. الأمر الذي سيقابله معارضة نيابية ورقابة على أعمال تلك الحكومة بمعرض تنفيذها لمشروعها السياسي.

٨- من هنا، تكون القيادات السياسية في لبنان مدعوةً لإتمام هذه النقلة النوعية في تكوين السلطة الاجرائية. لا سيما، بعد تحرّرها من قبضة حزب الله في ٢٠٢٤/١١/٢٧، ومن الوصاية السورية في ٢٠٢٤/١٢/٨، وبالترابط (par corrélation) من ولاية الجمهورية الاسلامية الايرانية، عليها.

٩- علماً أن عملية انتخاب رئيس جديد للبلاد تؤلف، بحدّ ذاتها، إستفتاءً حول الشكل المستقبلي للجمهورية اللبنانية، كما حول السلوكيّة التي ستعتمد في إدارة شؤونها وأوضاعها وأزماتها في كافة القطاعات. بخاصةٍ بعد الانقلاب السياسي الحاصل على أراضيها.

١٠- علماً كذلك، أنه كان من المستحسن دستوريّاً أن يسبق إنتخاب رئيس جديد للجمهورية إجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق النظام الأكثري بدوائر صغرى حتى يتمّ في ضوء نتائجها رصد المزاج الشعبي وإستخلاص القناعات والعبر التي تكوّنت لديه في نظرته الى كيفية إعادة بناء وطنه وترميم مؤسسات دولته وكيفية إدارتها، إثر الأحداث والتطورات التي حدثت في بلاده.

١١- غير أن المنظومة الحاكمة لا ترغب بمثل هذا الاستفتاء الشعبي لأنها تخشى على ذاتها من السقوط والمحاسبة وربما المحاكمة الى حدّ العرفية منها.

١٢- في أي حال، لا يُعتد قانوناً بالممارسات والأسبقيات والتطبيقات، التي تخالف الآلية الدستورية المفصلة أعلاه، والتي تمّ إبتداعها وفرضها عنوةً من قبل الفريق الممانع في لبنان على الفريق المعارض وحمله على القبول والسير بها على مضض، لاعتبارات سياسية وسلطوية محضة، هي ملازمة لمشروعه الإقليمي، الذي تمّ إسقاطه بالأمس.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها