طوني بولس

الثلاثاء ١٧ كانون الأول ٢٠٢٤ - 13:28

المصدر: independent عربية

استراتيجية “حزب الله” لتجاوز تسليم السلاح للدولة اللبنانية

يعد البعض في لبنان أن “حزب الله” يحاول التملص من تفكيك بنيته العسكرية، ولا يزال يروج لاستمرار ثلاثية “الشعب، الجيش، المقاومة” لتبرير بقاء سلاحه شمال نهر الليطاني، معتمداً على محاولات منع وصول رئيس للجمهورية “سيادي”، ويدفع الأطراف المعارضة إلى تسوية تأتي برئيس “وسطي” يتغاضى عن سلاحه.

في الحرب التي اندلعت في غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، راهنت إيران على “استراتيجية وحدة الساحات”، إذ امتد الصراع ليشمل لبنان وسوريا والعراق واليمن وحتى الداخل الإيراني، إلا أن إسرائيل ردت باستراتيجية مضادة أطلقت عليها “وحدة النتائج العسكرية”. ويجمع عديد من المحللين الاستراتيجيين على أن ما سقط لم يكن مجرد تنظيمات محلية مثل “حماس” و”حزب الله” أو نظام “الأسد”، بل إن الخسارة الكبرى طاولت النظام الإيراني الإقليمي برمته، ما انعكست نتائجه في موازين قوى جديدة أفرزتها الحرب، لتعيد تشكيل السلطة السياسية في غزة ولبنان وسوريا، وكذلك أجبرت التطورات الحكومة العراقية على مراجعة سياساتها لتحقيق فصل بين مصالحها الوطنية والنفوذ الإيراني.

وبعد توقف الحرب بين إسرائيل و”حزب الله” عقب اتفاق الهدنة في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، الذي يتضمن بنوداً صارمة وعلى رأسها ملف السلاح، رأت شخصيات من داخل حكومة تصريف الأعمال (رفضت الإفصاح عن اسمها) أن “حزب الله” يحاول الالتفاف على تنفيذه من خلال تفسير لاتفاق وقف إطلاق النار يعكس محاولاته للتهرب من استحقاقات تنفيذ الاتفاق الذي ينص على تفكيك بنيته العسكرية ابتداء من جنوب نهر الليطاني، ويروج لاستمرار ثلاثية “الشعب، الجيش، المقاومة” لتبرير وجود سلاحه شمال الليطاني. ولفتت إلى أن الحزب لجأ بالتوازي إلى المناورة السياسية في ملف رئاسة الجمهورية، عبر محاولات منع وصول رئيس “سيادي وقوي”، ودفع القوى المعارضة له إلى تسوية تتيح انتخاب رئيس “مساوم” يتغاضى عن سلاحه ومشروعه الإقليمي.

خطوط الإمداد

“حزب الله”، وباعتراف من قياداته، يسعى إلى احتواء تداعيات الحرب على بيئته من خلال تعويضات مالية للمتضررين لا سيما بعد تصاعد أصوات تحمله مسؤولية الدمار والتهجير، ومع ذلك، فإن قدرته على تقديم مساعدات واسعة تواجه ضغوطاً مالية كبيرة، نتيجة العقوبات على إيران وانقطاع خطوط الامداد عبر سوريا، وكذلك الدمار الذي لحق بمؤسساته الاقتصادية، مما أدى إلى تراجع قدرته على إدارة شبكاته الاقتصادية والخدماتية التي كانت أساساً في الحفاظ على “بيئته الحاضنة”.

في السياق، أشار تقرير لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إلى أن “حزب الله” بدأ في إعادة بناء قدراته، مما يثير تساؤلات حول نيات الحزب في التزام الاتفاق، في حين أكد بعض الخبراء العسكريين أن الحزب يعتقد أن تفكيك هيكليته العسكرية يؤدي إلى تراجع نفوذه ودوره السياسي في البلاد، ويحوله من تنظيم عسكري كبير إلى هيكلية أمنية شبيهة ببداياته في الثمانينيات، ترتكز على خلايا صغيرة وأسلحة خفيفة وعمليات استخباراتية داخلية وخارجية.

وفي رأي أوساط سياسية فإن عدم جدية الحكومة اللبنانية في تنفيذ الاتفاق ستعيد الفرصة للحزب بإعادة ترميم نفسه بعد أن يتكيف مع الواقع لا سيما أن من عينهم في المؤسسات القضائية والأمنية والإدارية لا يزالون يعملون لصالحه، في مقابل دعوات للدولة إلى اتخاذ خطوات قانونية وسياسية لضبط نشاطه، إذ لا يزال يعمل ككيان خارج إطار القانون اللبناني، سواء من خلال تمويله أو هيكليته غير المسجلة أو شبكاته الاقتصادية غير الشرعية.

ذريعة ومقايضة

في هذا الوقت، يعتبر قياديون داخل “حزب الله” أن الحزب اتخذ قراراً حاسماً بوقف الحرب مع إسرائيل، وترجم بعدم الرد على ما يعده خروقات إسرائيلية مستمرة، “وأن هناك تنسيقاً مع الجيش اللبناني حول الانسحاب من جنوب نهر الليطاني، إلا أن السلاح شمال الليطاني لن يكون مطروحاً في المرحلة الحالية”، ولفت إلى أن “السلاح في الداخل اللبناني سيكون مرتبطاً بإعادة النظر في الدستور اللبناني، الذي برأيه، يحمل إجحافاً لحقوق الطائفة الشيعية من ناحية، والتطورات في سوريا تفتح نقاشاً جدياً حول حماية البقاع من ناحية أخرى، إذ إن الجيش غير قادر على حماية الحدود الشرقية والشمالية في ظل الحكم الجديد في سوريا”.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها